الحياة من وجهة نظر الإحسان
الحياة من وجهة نظر الإحسان
إن وجودك تحت ظلال راية الإسلام والإيمان شيء عظيم، والأعظم منه أن تسابق الركب نحو راية الإحسان، يا لعظمة أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك! يا لروعة الشعور بمعيَّته سبحانه وأنه مطلع عليك فتترك الذنب حين تقدر عليه، فقط ليقينك بأنه يراك وبأنه يغضب أن يراك وأنت على ذلك الحال، وتفعل الطاعة حين تفعلها بمحبة وإتقان قدر المستطاع لأنه سبحانه يحب أن يرى ذلك منك، وتتوب حين تتوب مخلصًا وأنت تستشعر أنه سبحانه الآن أشد فرحًا بك ممن فقد بعيره في صحراء قاحلة!
وهل يتوقَّف الإحسان عند العبادات والمعاملات الربانية القاصرة فقط؟ بل هذا من الجهل والظن الخطأ بهذا الدين، فإنه ما جاء إلا ليتربَّع على عرش الحياة مهيمنًا عليها بتعاليمه، فالإحسان يشمل الطب والهندسة والزراعة والصيدلة، يشمل كل ما يضمن الاستقرار للوجود البشري حتى يتمكَّن من أداء الجزء التعبُّدي على أفضل وجه.
ولذا فإن الشرع لم يتطرَّق لمتغيِّرات البشر الحياتية وتقلُّباتهم الزمانية فيما يخصُّهم من فنون وعلوم وحرف ومهن، وإنما ضمن العبادات وحفظها على مر السنين وثبتها فلن تتغيَّر ولن تتبدَّل، وترك للإنسان تصريف شؤون حياته وفق ما ينفعه ويقيم به صلاح دينه محسنًا في ذلك، بل ولم يلزم أحدًا بحرفة أو مهنة معينة، وإنما بحسب كفاءة الإنسان وجهده وعلمه ليحصل التدافع والمنفعة، وكلما زاد جهد الإنسان في تحسين الحياة المعيشية وجدت العبادات لها متسعًا في تلك الحياة، فانتظار الأمة أمة أخرى أن تنفعها أو تداويها أو تدفع عنها سوءًا أو تبني لها مسجدًا أو مدرسة، لهو أمر صعب يضيِّق الخناق على الأمم ويجعلها في آخر الركب، ويجعل أولوية الدين عندها في آخر الأولويات بعد أن تؤمِّن غذاءها ودواءها.
لذا فإن إتقان الأعمال وإجادتها كلها على وسعها غاية من وجود الإنسان الخليفة على ظهر هذه الأرض، يقول الغزالي: «والإتقان لا يتأتَّى بالادعاء والجهالة، فإن لكل عمل أرضي أو سماوي قواعد يصح بها، وتدرك بالتعلم والمران».
الفكرة من كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
إن «صدق العاطفة ليس عذرًا للخلط العلمي، ولا للقول في دين الله بالهوى والرأي، فإن للإسلام ينابيع معروفة محصورة تؤخذ أحكامه منها وحدها، ولا يؤذن لبشر بالزيادة عليها أو الانتقاص منها».
مجموعة من المقالات المنوعة المترابطة كونها تصحِّح التصوف المغلوط وتوضحه من وجهة نظر إسلامية صحيحة، وتربط أعمال القلوب بأصل الدين ووجود الإنسان وهدفه وغايته بأسلوب سهل قريب للقارئ.
مؤلف كتاب الجانب العاطفي من الإسلام
محمد الغزالي: عالم ومفكر إسلامي مصري، وأحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرِف عنه تجديده في الفكر الإسلامي، كما عُرِف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة. ولد في الخامس من ذي الحجة 1335 هـ/ 22 سبتمبر (أيلول) 1917م، وتوفي يوم 20 شوال 1416 هـ/ 9 مارس (آذار) عام 1996م، تاركًا لنا مكتبة عظيمة من الكتب والمؤلفات.
ومن أبرز مؤلفاته:
فقه السيرة.
هموم داعية.
جدد حياتك.
نظرات في القرآن.
سر تأخر المسلمين والعرب.