الحياء والحجاب
الحياء والحجاب
لا شك أن الحياء مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحجاب فهما متلازمان، واجتماعهما في نفس امرأة واحدة دليل طهر وعفاف، فالحياء يمنع صاحبه ويترفَّع به عن الكثير مما لا يليق فضلًا عن الفحش والقبح، ومن أعجب ما روي في ذلك فعل عائشة (رضي الله عنها) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبيها الصديق (رضي الله عنه) حيث تقول: “كنت أخلع ثيابي في حجرتي ولم أكن أتحرَّج، وأقول: زوجي وأبي فلما دُفن عمر (رضي الله عنه) قالت: كنت أشدُّ عليَّ ثيابي حياء من عمر”!
إن الحياء هو الدرع الذي تتحرَّك به المرأة بين الناس بلا خوف ولا قلق، فإن هي تركت هذا الدرع وخلعته جرَّأت عليها ضعاف القلوب والإيمان ونزلت من حصنها العالي الذي لا يطاله أحد إلى أرض مضطربة قد تنجو منها وقد تغوص فيها فلا تخرج!
قبل آلاف السنين جاءت إحدى بنتي مدين اللتان سقى لهما النبي الكريم موسى (عليه السلام)، جاءته تدعوه لينال جزاءه من أبيها، فكيف جاءته وماذا قالت له؟
الفطرة الإنسانية واحدة مهما اختلفت الأزمان والأمكنة لا تتبدل ولا تتغيَّر إلا إذا بدَّل أصحابها واختاروا لها أن تهبط بدلا من أن ترتقي في معارج السمو والرفعة، جاءت الفتاة يصف القرآن مجيئها ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾، فهو أولًا لم يقل على حياء وإنما قال على استحياء، والزيادة في مبنى الكلمة زيادة في معناها، فيكون الاستحياء مبالغة في الحياء، فكان مجيئها يبلغ أقضى درجات الحياء وكذلك مشيها بل وقولها أيضًا، وماكان من نبي الله إلا أن قابلها حياء بحيائها، فطلب منها أن تمشي خلفه وتصف له الطريق مخافة أن تصيب الريح ثيابها فتصف جسدها إن مشت هي أمامه، نعم المرأة هي من تجبر من أمامها على الوقوف أمام حصونها وقوف مهابة وإجلال أو هي من تسمح باقتحام حصونها وولوجها ولوج إفساد وإضرار.
الفكرة من كتاب ونطق الحجاب
إن الحجاب من العبادات العظيمة والرفيعة والمعتادة أيضًا، لذا تحتاج الملتزمة به بين الحين والآخر إلى تجديد العهد وتقدير النعمة العظيمة التي هي عليها وتصحيح البوصلة إن حصل فيها انحراف، وتحتاج الغافلة إلى معرفة مكانة ذلك الفرض في الشريعة والحكمة والغاية والمقصد من ورائه والأثر المترتِّب على تركه، وفي الكتاب جمع بين هذا وذاك بلغة وَعظيَة تدور بين الترهيب والترغيب.
مؤلف كتاب ونطق الحجاب
خالد أبو شادي، من مواليد محافظة الغربية بمصر، هو صيدلي وداعية إسلامي، له العديد من الكتب والمحاضرات التوعوية التي يركز فيها على إصلاح القلوب.
ومن أبرز مؤلفاته:
بأي قلب نلقاه.
صفقات رابحة.
جرعات الدواء.
معًا نصنع الفجر القادم.