الحياء في القرآن
الحياء في القرآن
ذكر الله عز وجل الحياء في القرآن الكريم في عدة مواضع على نحو صريح وإشارةً إلى المفهوم العام، وذُكر إشارةً في قوله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾، أي الحياء، أما على نحو صريح فحين جاء في سورة القصص عن قصة سيدنا موسى (عليه السلام) وابنتي شعيب (عليه السلام)، قال الله تعالى: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾، وقال المفسرون في معنى (استحياء) أقوالًا كثيرة؛ منها: أنها مستحيية في مشيتها دون تبختر أو زينة أو تبرج أو إغواء، والاستحياء مبالغة في الحياء.
وذُكرت ثلاثة أقاويل لسبب استحيائها أحدها: أنها تتصف بالحياء فطرةً، والثاني: لأنها دعت سيدنا موسى لتكافئه، والثالث: لأن أباها من أرسلها لتدعوه فدعته بدقة ووضوح وبأقل كلام دون تعثر، واستحيت أيضًا لأنها تخاطب رجلًا ليس من محارمها، وهذا يدل على تمام إيمانها وجميل خُلقها ونسبها وأيضًا فطرتها السليمة، فالفتاة سليمة الفطرة هي من تستحي حين تقابل رجالًا أجانب عنها وتتحدث إليهم، ولكي يتزن حياء المرأة المسلمة يجب أن تتصف بالدقة والوضوح دون الربكة والتعثر والتغنج في الحديث مع الرجال.
ومما تستفاد به المسلمة من هذه القصة أن المرأة الحيِيَّة يجب عليها إذا خرجت من بيتها أن تخرج غير مزاحمة للرجال وتمشي دون زينة أو إغواء بمشية معتدلة، وإذا احتاجت إلى الحديث مع رجال أجانب عنها تحدثت على قدر الطلب دون خضوع في القول وبصوت هادئ واضح، وتخاف الله في كلامها وتصرفاتها وأيضًا لِباسها، وقد جاء عن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في هذه الآية قوله: “لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ مِنَ النِّسَاءِ، خَرَّاجَةً وَلَّاجَةً، وَلَكِنْ جَاءَتْ مُسْتَتِرَةً قَدْ وَضَعَتْ كُمَّ دِرْعِهَا عَلَى وَجْهِهَا اسْتِحْيَاءً”، والسَّلفع أي الجريئة السليطة، والولَّاجة الخراجة أي كثيرة الدخول والخروج.
الفكرة من كتاب حياء المرأة.. عصمة وأُنوثة وزينة
يقول رسول الله (ﷺ): “الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ”، فلم يخلُ مجتمع من إحدى القيم الأخلاقية مثل الحياء إلا وتشتت وتخلخلت القيم النفسية البشرية، وفي هذا الكتاب يعرض لنا الكاتب ماهية الحياء وأثره وأقوال الشرع فيه، وأهميته للمرأة وضوابطه، مخاطبًا المرأة المسلمة وإن كان خطاب الحياء لا يخلو من ذكر الرجل، لكنه خصص للمرأة أكثر لأنها القائمة على بناء جيل وتربيته، كما أنها عمود المجتمع ولبنة بنائه.
مؤلف كتاب حياء المرأة.. عصمة وأُنوثة وزينة
محمد موسى الشريف: كاتب وداعية إسلامي سعودي وإمام وأستاذ جامعي، ومتخصص في علم القرآن والسُنة، وباحث في التاريخ الإسلامي، وطيار مدني أيضًا، فقد تمكن من إكمال الدراسة الأكاديمية الشرعية، وحصل على الدكتوراه في الكتاب والسنة.
له مؤلفات عديدة منها:
عجز الثقات.
أثر المرء في دنياه.
الطرق الجامعة للقراءة النافعة.
حقوق آل البيت والصحابة على الأمة.