الحوار
أكد المهتمون بعلوم التربية أن مهارة الحوار من أدوات التواصل الثقافي والفكري والاجتماعي المهمة في الحياة، لما لها من دور فعال في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك، والتقليل من عُزلة البشر، كما أشار الإسلام إلى الأهمية البالغة للحوار في القرآن الكريم حين قال الله (عز وجل): ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾، ومن هنا نعلم أن الحوار نقاش بين اثنين أو أكثر بشكل تبادلي هادئ تغلب عليه الحقيقة والوضوح، وتزيد عليهما مهارة الاستماع عند الطرفين دون استئثار أيٍّ منهم بالحديث، وذلك لأجل الوصول إلى الحقيقة أو التفاهم أو دفع شبهة أو التعارف أو نقل معلومات أو الدعوة إلى الله (عز وجل) كما فعل جميع الأنبياء والرسل، ومنهم سيدنا موسى (عليه السلام) وسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم).
واهتم الإسلام في العموم بآداب الحديث وقيمة الكلمة وقدرها وتأثيرها سواء في الفرد أم المجتمع، ووضع لها شروطًا وأحكامًا، فهي ظاهرة إنسانية من بداية الخلق بين البشر بعضهم وبعض حتى ولو من باب الألفة، وتشبع الغريزة البشرية في الاندماج المجتمعي، وتعكس حضارة وثقافة المجتمع والفرد، وهي مهارة تُكتَسب مع الوقت والتدريب والصبر، لكن الحوار يحتاج إلى ضوابط معيارية حتى يؤدِّي وظيفته الأولى، وهي تقبُّل الاختلاف والرأي الآخر، لأن الحوار الفعال الناجح يكشف نقاط الاتفاق والاختلاف ويعالج القضية المثارة للمناقشة، ولا يفسد الحديث إذا اتبعنا قواعده الحقة.
والحِوار في اللغة (اسم)، وجاء في تاج العروس بمعنى تراجع الكلام، وفي لسان العرب لابن منظور تحت جذر كلمة (حور) بمعنى مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وجاء اصطلاحًا بمعنى نشاط عقلي ولفظي تُصاحبه حجج وأدلة، مبرِّرةً لوجهات نظر الطرفين بحرية لأجل حل مشكلة أو توضيح أمر ما، كما أن له آدابًا تجب مراعاتها من كلا الطرفين، ومن مرادفات الحوار الجدل وهو شدَّة الخصومة، والمناظرة هي المباحثة في نظر كلٍّ بوجهة نظره، والمحاجة هي التخاصم أو الجدال، والمناقشة هي محاورة وتحليل بهدف حلِّ مشكلة ما.
الفكرة من كتاب مهارات الحوار الفعالة مع الآخرين (أسس واستراتيجيات)
يبحث الإنسان منذ بداية خلقه عن لغة تواصل بينه وبين الآخرين، كي يكوِّن شبكة علاقات مجتمعية تفاعلية، واللغة هي أولى خطوات الحوار الفعال، فالإنسان بفطرته يحب الحوار مع غيره، وقد يكون هذا الحوار بين شخصين أو نقاشًا مفتوحًا بين مجموعة، وللحوار أهداف منها، أنه يحدث بهدف الوصول إلى الحقيقة أو التفاهم أو لنقل المعلومات، لذا فهو مهارة مهمة في حياة الفرد والمجتمع، لكن لكي يحصل الفرد على حوار فعَّال فإنه يحتاج إلى مهارات يكتسبها مع التدريب والتعلُّم، وفي كتابنا هذا تعرض الكاتبة بعض الاستراتيجيات والأسس لكي يكتسب الإنسان مهارات التواصل الفعالة.
مؤلف كتاب مهارات الحوار الفعالة مع الآخرين (أسس واستراتيجيات)
رنا أحمد جمال: كاتبة، لها عدد من المؤلفات في موضوعات مختلفة، ومن هذه المؤلفات:
من تراثنا الشعبي الفلسطيني؛ من التراث والفلكلور الشعبي الفلسطيني.
ظاهرة أطفال الشوارع؛ الأسباب – العلاج.
قف من جديد.. ولا تنظر للوراء.