الحماية والتوجيه من احتياجات النمو الأساسية
الحماية والتوجيه من احتياجات النمو الأساسية
الحماية هي الاحتياج الأساسي الثاني للطفل، وهو يحافظ على بقائه حيًّا، فحب الأم يحمي الطفل ويُمَكِّنُه من التكيف مع تهديدات عديدة، ويعرف الرضيع من خلال تفاعل والدته ما إذا كان العالم آمنًا أم لا، فإذا كانت الأم قَلِقة فإنها تعوق قدرة ابنتها على اللعب والتعلم وتكوين الصداقات، ويصعب عليها الاستفادة من حكمتها الداخلية وحدسها، وقد تفقد قدرتها على رؤية إشارات الخطر في الأشخاص والأشياء، ثم تكبر لتحمي نفسها بطرائق مختلفة، فبعض الفتيات طباعهن حادّة، يُوحين للآخرين بالسيطرة لحثّهم على التراجع والحذر، وبعضهن خاضعات مضطربات، يعتمدن على الآخرين في اتخاذ القرارات، وبعضهن ينجذبن إلى شخصيات السلطة أصحاب المكانة والثروة، وأخريات يعملن بجد لجمع ثروة مالية، جميعهن يظهرن أقوياء من الخارج، ويحملن بداخلهن طفلة خائفة بحاجة إلى الحماية، ومراهقة غاضبة نشأت وحيدة.
وكما ذكرنا أن جسم الرضيع ودماغه يؤذيهما انفصال الأم عنه، فلذلك ينبغي للأمهات الاتصال الوثيق بأطفالهن في السنوات الثلاث الأولى، ليصبحوا مستقلين أصحاء مستقبلًا، وتتفاجأ الأم، التي تنساق وراء مناداة بعض المربين بترك الرضيع يعتمد على نفسه في توفير الراحة والأمان، بأن طفلها المُطيع أصبح غاضبًا منعزلًا، أو مراهقًا منغلقًا على نفسه يصعب التواصل معه، فالفتيات بحاجة إلى ملجأ آمن يسمح لهن بالخطأ دون عقاب، ويتعلمن الحدود دون خوف، ويشعرن بالاسترخاء من الضغوط الخارجية، وعندما يكبرن مفتقدين لتلك البيئة يصعب عليهن التكيف مع الضغوط، وتظهر عليهن بعض الأعراض، كصعوبات التعلم ومشكلات التركيز ونوبات الغضب والبكاء، وفي المراهقة قد يعانين من اضطرابات المزاج واضطرابات الأكل والنوم وألم الدورة الشهرية، والأعراض المرضية الناتجة عن الضغوط.
والتوجيه هو الاحتياج الأساسي الثالث، فالفتاة تتعلم من أمها كيف تكون المرأةُ مرأةً، وتلاحظ علاقاتها وأسلوبها وسلوكياتها، فالأم هي المُرشدة لها، تتعلم منها اللطف والقوة، وحب الآخرين بطريقة صحية، والاعتناء بجسدها الأنثوي، وتُدرِك أفكارها ومشاعرها وأحلامها، وإذا فقدت توجيه الأم المتصف بالحكمة والنفع تصبح خاضعة للتأثيرات الثقافية حول الأنوثة واستخدام جسد الأنثى للتسويق والترفيه، فتسعى إلى اكتساب قيمتها من حفاظها الدائم على اللطف والجاذبية. وتظهر أعراض فقد التوجيه في الاهتمام الشديد بالعلاقات، والشعور بعدم الأمان، وصعوبة اتخاذ القرارات، والشعور الدائم بالذنب، ومقارنة نفسها بغيرها من الفتيات والنساء، وعدم الرضا عن مظهرها وجسمها، والتمسك بالأشخاص المؤذين.
الفكرة من كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيف يمكن وصف الشعور بالرغبة في شيء ما أو شخص ما لتسكين الشعور بالوحدة؟ وكيف يمكن التخفّف من عبء حزن عميق غير ظاهر يصعب الاعتراف به؟
يمكن وصف هذا الشعور بمصطلح «الجوع إلى الأمومة»، مصطلح صاغته الكاتبة لتعبر عن فقد النساء لحب أمهاتهن، فيكبرن يبحثن عن نوع معين من الحب، حب غير مشروط، مراعٍ، آمن، ملهم، وهو الحب الذي يحتاج إليه الإنسان لينطلق بقوة في الحياة، ونتيجة لهذا الفقد يشعرن بفراغ داخلي يبحثن عما يملَؤُه، فتوضح الكاتبة منشأ هذا الفقد وعلاقته بالتعلق بالأم في الطفولة، كما تُرشِد إلى كيفية تعويض هذا الفقد والتعافي منه.
مؤلف كتاب الجوع إلى الأمومة: في سبل معالجة الفقدان والتعافي منه
كيلي ماكدانيال: مستشارة مهنية متخصصة في علاج إدمان العلاقات والتعلق غير الآمن والحرمان من حب الأم لدى النساء، حصلت على درجتَي ماجستير إحداهما في الأدب الإنجليزي من جامعة جورج تاون، والأخرى في الإرشاد من جامعة سانت ماري، ولديها كتاب آخر بعنوان: «Ready to Heal: Breaking Free of Addictive Relationships»
معلومات عن المترجم:
منير عليمي: شاعر ومترجم تونسي، ومدير النّشر في مؤسسة صفحة سبعة للنّشر والتوزيع، ومترجم في دار «ملهمون»، ومؤسس لملتقى دراسات الترجمة، نال جائزة «أيام قرطاج الشعرية» على المجموعة الشعرية «مقبرة على قيد الحياة»، وترجم أعمالًا عديدة منها: «عزلة صاخبة جدًّا»، و«سجن بلا سقف».