الحضين المُسلم
الحضين المُسلم
أثبتت بعض الدراسات أن هناك علاقة بين نوم الطفل بشكل هادئ وسماع صوت هادئ بجواره، وجربت أمهات كثيرة أثر هذا الأمر وساعدها على تهدئة الطفل ونومه، حتى بعض العلماء أجروا تجربة سماع الأطفال إلى قرآن مُرتَّل لمدة دقائق، ولاحظوا أن نومهم أصبح بلا قلق وهادئًا ويمتد إلى مدة طويلة، أما الأصوات العالية والغريبة فتُسبِّب فزعًا للطفل وهياجًا عصبيًّا وبكاء، فيجب إبعاده عنها وطمأنته.
وبناءً على ذلك أجرت الدكتورة رسمية خليل دراسة تتبُّعية مُستخدِمة عدة خطوات لتوجيه الطفل الحضين المسلم، وأخذت الملاحظات من الوالدين والمربين، حتى ترى النتائج، ومن هذه الخطوات: تدريب حاسة السمع عند الحضين في الشهور الأولى عن طريق تلاوة القرآن الكريم له والأحاديث والدعاء وترديد الأذان عليه سواء بصوت الأم -وبخاصةٍ في أوقات الرضاعة- أو أي من أفراد الأسرة أو من التلفاز أو المذياع، ونداء الطفل باسمه بحنان، وإرضاعه في مكان هادئ مع لمس يده وشعره ومناغاته، ومراعاة النظافة الشخصية له، وتعويد عيون الحضين على النظر إلى لوحات معلقة بها آيات قرآنية أو أدعية سواء في غرفته أو في المنزل عمومًا، ومراعاة ألا تقع أعين الطفل على قبيح أو حرام، وترديد آداب الطعام على أذنه من التسمية وحمد الله بعد الانتهاء والأكل باليد اليمنى، ورؤيته لصلاة الجماعة بين أفراد أسرته.
وجاءت نتائج الدراسة كالتالي: الرضاعة الطبيعية كانت عاملًا مساعدًا مهمًّا للأم لبدء توجيهها الإسلامي والتواصل مع الطفل، وأتى بعدها النوم، لا سيما هدوء الطفل ونومه عند تلاوة القرآن الكريم عليه، واستطاعوا تطبيق آداب الطعام والأدعية وغيرها، ووجدوا أن البنات كنَّ أسرع في الاستجابة، وتكلَّمن مبكرًا، وحفظن كثيرًا من الأدعية، وزاد من ذلك الثقافة الإسلامية عند الأمهات، إذ لاحظت الأمهات أن الأطفال كانوا يهدؤون ويتوقفون عن الرضاعة لفترة ويتابعونهم وهم يقرؤون لهم بكل سعادة، كما أكدت أهمية توجيه الطفل بشكل إسلامي وربط الأم بهذا التوجيه وبخاصةٍ عن طريق الرضاعة، حيث يأخذ منها الطعام ممزوجًا بالحنان والحب وتنمو بينهما الطمأنينة والارتباط.
الفكرة من كتاب لُغَةُ الطفلِ
يُحفَظ كيان وشخصية الأمة بين الأمم إذا حُفِظت هويتها، والهوية تتمثَّل في شيء أساسي هو اللغة، والعربي المسلم له هوية وعقيدة في لغته العربية لأنها اللغة التي أُنزل بها القرآن الكريم كمعجزة بين العرب على النبي (صلى الله عليه وسلم)، ما زاده اعتزازًا بها وزاد اللغة العربية شرفًا، وأعلاها الله (عز وجل) بين الأمم حين مدحها في كتابه الشريف (عز وجل) وقال: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾.
فالمجتمع العربي المسلم يحمل هَمًّا ومسؤولية تجاه لغته، لكنه أهمل هذه المسؤولية حين ابتدع الناس لهجات عامية خاطئة فتأثرت اللغة العربية، حتى إنهم يُدرِّسُون بالعامية في المدارس ويتحدثون بها في الندوات والمحاضرات وعلى شاشة التلفاز، بل هناك دول طَمستْ لغتها تمامًا واستبدلتها بلغة مشوهة تحمل من اللغة العامية واللغات الأجنبية، ما جعل صغارهم لا يتعرفون على لغتهم الأصلية، فالطفل يولد على فطرته يرى ما يفعله مجتمعه وأهله ويقلِّدهم، وهذا يضع على كاهل الأسرة مسؤولية تعليمه لغته الأم، حتى لا تتشوَّه لغته.
في كتابنا هذا يعرض الكاتب مراحل تعليم الطفل اللغة وتأثيرها فيه، وتأثير البيئة فيه، وكيف ينمو لغويًّا.
مؤلف كتاب لُغَةُ الطفلِ
شاكر عبد العظيم: أستاذ المناهج وطُرق التدريس بجامعة حلوان.