الحروب العالمية والمعيار الذهبي
الحروب العالمية والمعيار الذهبي
اختير المعيار الذهبي وسيط تبادل بواسطة السوق الحرة، ولم تتمكن الحكومات من إقناع الشعب باستخدام النقد الحكومي حتى تم ربطه بالمعيار الذهبي، وكان في مقدرة الأفراد تحويل الإيصالات والأوراق الحكومية إلى ذهب، وشهدت فترة الحرب العالمية الأولى نهاية عصر الوسائط النقدية بكونها خيارًا يتم تحديده بواسطة السوق الحرة، وحُددت المعايير بواسطة المراسيم الحكومية والسياسات النقدية، واستبعدت خلال هذه الفترة القابلية لتحويل النقود الحكومية إلى ذهب، مما نتج عنه عديد من المعضلات منها: أن العملات الحكومية تختلف عن الذهب، إذ تقع في فخ زيادة الطلب والإنتاج المذكور سابقًا، مما ينتج عنه خسارتها لقيمتها.
كما أن استبعاد تحويل الأوراق إلى ذهب مكن حكومات الحرب العالمية الأولى من الاستيلاء على ذهب الشعب كله وليس المخزون الحكومي فقط، مما نتج عنه تسليح الجيوش واستمرار الحرب لمدة أطول من المتوقع لها، كما طبعت الحكومات الكثير من الأوراق النقدية لإجبار شعوبها على استخدامها، مما أدى إلى كارثة التضخم وفقدان العملات لقيمتها، ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى ونفاد مخزون الذهب لدى الحكومات، كان عليها تعديل قيمة العملة تبعًا للمعايير الجديدة، ولكنها حافظت على قيمة العملات بقيمة ما قبل الحرب نفسها، مما نشأ عنه تعطل السوق الحرة وعمليات الإنتاج، إذ إن ثبات العملة أدى إلى ثبات الأجور بقيمة مرتفعة، مما أدى إلى معدلات بطالة عالية، والقيود المفروضة على الأسعار والمنتجين أدت إلى عجز في بعض السلع وفائض في أخرى.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح على الحكومات دعم عملتها بالدولار الأمريكي، بعدما وعدت الحكومة الأمريكية بقابلية تحويل الدولار إلى ذهب، ولكن مع مرور الوقت لم تفِ الحكومة الأمريكية بالتزاماتها، ولم تستطع الحكومات المختلفة استرداد ذهبها، مما نتج عنه تضخم لعملات الدول النامية، والتضخم ليس مجرد ظاهرة سياسية أو حكومية، بل أدى كذلك إلى انهيار تام في الاقتصاد وأصبح الإنتاج مقتصرًا على السلع الأساسية، وفي بعض الدول حتى السلع الأساسية تحولت إلى رفاهية، وإلى يومنا هذا ما زالت مناهج الاقتصاد تلوم المعيار الذهبي.
الفكرة من كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
مع ظهور البتكوين وأولى صفقاته عام 2009م، ظهرت معه العديد من الاحتمالات الإيجابية، فهل من الممكن أن يمثل بداية لعودة الأسواق الحرة؟ وهل يمكن لهذه العملة الرقمية أن تتحول إلى النقد السليم الخاص بالقرن الحادي والعشرين؟ تعيدنا هذه الأسئلة إلى تحري أسباب ما يحدث حاليًّا من ضياع لرؤوس الأموال، وتقلبات العملة، وسيطرة الحكومات والبنوك المركزية على الاقتصاد.
فهل كانت هذه حال الاقتصاد دائمًا؟ وإن لم تكن، فما الذي أدى إلى هذه الكوارث الاقتصادية؟ يجيب مؤلف كتابنا عن هذه الأسئلة وغيرها، من خلال تحري السجل التاريخي للنقد، كما يناقش تأثير العملات الرقمية في الاقتصاد المستقبلي.
مؤلف كتاب معيار البيتكوين: البديل اللا مركزي للنظام المصرفي المركزي
سيف الدين عَمُّوص: مؤلف واقتصادي فلسطيني الجنسية، ويعمل أستاذًا مساعدًا للاقتصاد في الجامعة الأمريكية اللبنانية، حصل على درجة الدكتوراه في التنمية المستدامة من جامعة كولومبيا، وتركز أبحاثه على العملات المشفرة، وله عديد من المؤلفات منها:
The Fiat Standard: The Debt Slavery Alternative to Human Civilization.
Principles of Economics.
معلومات عن المترجم:
أحمد محمد حمدان: درس العلوم الإدارية والاقتصادية، كما حصل على إجازة في الأدب الإنجليزي.