الحركة الأوراسية
الحركة الأوراسية
إن الحركة الأوراسية هي عبارة عن فلسفة كغيرها من الفلسفات التي تحتوي ضمنيًّا منظورًا سياسيًّا ومقاربة تاريخية، كما أن قاعدة الأوراسية أنها شمولية تتعامل مع الكيانات العضوية كما تتعامل مع الكيانات البنيوية، وموضوعها الأساسي هو “الحضارة”، إذ ترى الأوراسية أن هناك حضاراتٍ مختلفة لا يتشابه بعضها مع بعض، ولكل واحدة منها بنيتها الخاصة التي تُحدِّد العناصر التي تتكوَّن منها وتعطيها معناها وتماسكها، ومن ثمَّ لا يمكننا تطبيق القواعد والهياكل التي نجدها في إحدى الحضارات على تلك التي نجدها في الحضارات الأخرى، فكل مجتمع بشري ينتمي إلى حضارة معينة وتجب دراسته فقط وفقًا لمعاييره هو، وبالتالي فإن المجتمعات البشرية متعددة، ويمثل كلٌّ منها نوعًا معينًا من البنية الفريدة تمامًا، والتي لا يمكن مقارنتها مع غيرها، وبناءً على ذلك فالأوراسية تُصرُّ على تعدُّدية المجتمعات البشرية في غياب أي نمط عالمي موحَّد لها.
وانطلاقًا من قاعدة تعدُّدية المجتمعات البشرية قام الأوراسيون بتطبيق ذلك في مختلف المجالات بما في ذلك (التاريخ الروسي، والجغرافيا السياسية، وعلم الاجتماع، والعلاقات الدولية، والدراسات الثقافية، والعلوم السياسية، وغير ذلك)، ومن ثمَّ تم التأكيد والدفاع عن تفرُّد الحضارة الروسية مقارنةً بجميع الحضارات الأخرى، سواء كانت غربية أو شرقية، وبناءً على ذلك ينظُر الأوراسيون إلى الحضارة الغربية كهيكل واحد له فهمه الخاص للزمان والمكان والتاريخ والطبيعة البشرية والقيم والأهداف، وإلى جانب الحضارة الغربية هناك حضارات أخرى أيضًا هي حضارات روسية وآسيوية وأفريقية وأمريكية لاتينية، ومن خلال هذا المنهج البنيوي القائم على تعدُّدية الحضارات اضطرَّ الأوراسيون إلى رفض الادعاءات الغربية بعالمية الحضارة الغربية، ومن ثمَّ قاموا بمُعاداة الإمبريالية والحداثة الغربية، إلى جانب تفكيك العالمية الغربية والنزعة العرقية والإمبريالية الثقافية، واعتبار الحضارة الغربية ظاهرة محلية وتاريخية وجغرافية بحتة تتظاهر بالمكانة العالمية عبر الإمبريالية، وأن الحداثة هي نتاج كامل لهذه الإمبريالية بطبيعتها.
وبناءً على ذلك عُدَّ التاريخ الروسي بوصفه كفاح الحضارة الأوراسية ضد الغرب، وصراعًا ضد الحداثة، ومن ثمَّ يرى الأوراسيون خصوصية بُنية روسيا، واقترحوا مجموعة من الصفات وتأكيدها كمعايير لمستقبل الحضارة الروسية، وهي: (لا للتقدم)، لأنهم رأوا التنمية الاجتماعية على شكل دورة، وليس من منظور المفاهيم الرأسمالية للتنمية التي تسير بشكل خطِّي، فطالبوا باقتصاد عضوي وزراعي من أجل تجاوز المادية النفعية، (لا لقرصنة الأفكار) إنما لقوة الأفكار، (لا للديمقراطية) إنما لرعاية مصالح الملكية الشعبية، وبالتالي رفضوا فكرة الحرية السطحية والفردية البحتة، ودعوا إلى المسؤولية الاجتماعية والحرية الروحية الداخلية.
الفكرة من كتاب الخلاص من الغرب.. الأوراسية: الحضارات الأرضية مقابل الحضارات البحرية والأطلسية
يعرض ألكسندر دوغين في هذا الكتاب أطروحته الفلسفية السياسية المُعادية لليبرالية وللنُّظم الغربية وللحضارات الأطلسية الممثَّلة في (أمريكا وبريطانيا)، ويُطلق على هذه الأطروحة اسم (الأوراسية)، وهي حركة ثقافية نشأت في روسيا، وشاعت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، لا تدَّعي هذه الفلسفة عالميتها وقطبيتها الوحيدة، كما أنها لا تفرض نفسها على الثقافات الأخرى مثلما فعلت الليبرالية طوال القرن العشرين والقرن الحالي، وتُعزِّز الأطروحة الأوراسية بما يُطلق عليه دوغين “النظرية السياسية الرابعة”، وهي بديل عن النظريات الثلاث: “الليبرالية” و”الشيوعية” و”الفاشية”.
مؤلف كتاب الخلاص من الغرب.. الأوراسية: الحضارات الأرضية مقابل الحضارات البحرية والأطلسية
ألكسندر دوغين: يُعد من أهم الفلاسفة والمفكرين الروس المعاصرين، ويعتبره البعض عقل بوتين، هو مُحلل سياسي واستراتيجي، صاحب النظرية السياسية الرابعة والنظرية الأوراسية، من كتبه المترجمة إلى اللغة العربية:
أسس الجيوبوليتيكا.. مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي.
الخلاص من الغرب.. الأوراسية.
معلومات عن المترجم:
علي بدر: هو روائي وكاتب ومترجم عراقي، من رواياته:
بابا سارتر.
شتاء العائلة.
مصابيح أورشليم.
حارس التبغ.
الكاذبون يحصلون على كل شيء.
ومن ترجماته:
الإنسان الإله لـ”يوفال نوح هراري”.