الحرب والكراهية
الحرب والكراهية
النفس البشرية لديها عدة دوافع ومشاعر قد تصبح نافعة للنفس وللغير، وقد تكون سلاحًا فتاكًا في الوقت ذاته، وكذلك الكراهية هي وسوسة تدفع الإنسان إلى أعماق الغضب وتصل به إلى القتل بلا رحمة ولا تفكير إذ لم يمتلك رادعًا، ومن الأفعال العامة التي يشترك فيها القتل والكره هي الحروب، فالحروب بمثابة قتال بأسلحة فتَّاكة بين طرفين يتملَّكهما الغضب والكره وتسيطر عليهما فكرة القتل فحسب، وقد كلَّفت عصبة الأمم والمعهد الدولي للتعاون في باريس العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين بأن يختار مشكلة يطرحها للمناقشة، واختار أينشتاين “الحرب” واختار شريكًا لهذه المناقشة الكاتب سيغموند فرويد.
وقبل سنوات من هذه المناقشة كان فرويد قد أتمَّ نشر كتابه “الحضارة وإحباطاتها” الذي تُرجِم إلى العربية بعنوان “قلق في الحضارة”، وقد عرض فيه فكرته حول ملازمة غريزتي الجنسية والعدوانية عند الإنسان، وقد أُعجِب أينشتاين بهذه النظرية وذلك الكتاب، وتأثَّر به حتى أنه توصَّل إلى استنتاج أن النفس البشرية لديها رغبة وغريزة أصلية تلحُّ عليها إلى الكره والتدمير والعدوانية، فإن فرويد يرى أن الكراهية “هي المشاعر المتحدِّرة مباشرةً من الغريزة العدوانية”، وتوصَّل كلاهما وبالأخص كما عبَّر أينشتاين أن غرائز الكره والتدمير التي تظهر في شكل حروب لا يمكن نزعها من الإنسان أو التخلُّص منها، بل تصريفها فقط في صور أخرى غير الحرب والدمار القاتل، وأن مُعضلة الحرب ستظل عقبة في تاريخ البشرية، حيث إنها عامل من عوامل تدميرها، بل هي خطر على مستقبل استمرارية وجود البشر، وبقاء البشر واستمرار نسلهم متوقِّف على نجاحهم في تصريف غرائزهم العدوانية في غير صورة الحرب ووقف الحروب والقتل، وخرجت هذه المناظرة بعنوان “لماذا الحرب؟” عام 1933.
الفكرة من كتاب لماذا نكره؟ أو كراهيات منفلتة مرة أخرى
لقد قام العالم على كل شيء ونقيضه حتى الألوان بها الأبيض ويقابله الأسود، والمشاعر منها الحب والكره، والآراء قد نتفق عليها وقد نختلف، ولكلٍّ منا هوية يُعرف بها ونتنازع حولها من أمم إلى دول إلى أفراد، فالنزاعات بين البشر قد تصل بهم إلى الحروب والكره والأبشع هو القتل، قد تقتل شخصًا لاختلافه معك دون مبالاة منك، بل ستبرِّر فعلتك، وقد استغلَّ هذا كثير من مُحرِّضي العنف سواء من العلماء أو المثقفين أو القادة لخوض حروب ونزاعات عالمية وقبلية بهدف الرأي الواحد والبقاء للأقوى، وفي هذا الكتاب يأخذنا الكاتب إلى نقاشات متعدِّدة حول مفاهيم الكره والحرب والنفس البشرية وما تحمله من جانب مظلم وكراهيات حقيقية ومصطنعة.
مؤلف كتاب لماذا نكره؟ أو كراهيات منفلتة مرة أخرى
نادر كاظم: كاتب وناقد أكاديمي وثقافي بحريني، حاصل على البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، ودرجة الماجستير في النقد الحديث، وكان يعمل محاضرًا ومساعد باحث غير متفرِّغ في جامعة البحرين، وله مؤلفات متعدِّدة منها “الهوية والسرد”، و”طبائع الاستملاك”، و”خارج الجماعة”، و”استعمالات الذاكرة”، و”إنقاذ الأمل”.