الحرب المزيفة
الحرب المزيفة
في غضون أسابيع من انتهاء الانتداب، وصلت القوات اليهودية إلى المستعمرات المعزولة عدا اثنتين فقط، لاحتلال الفيلق العربي لهما- الضفة الغربية حاليًّا- ولعدم وجود اتفاق مسبق بشأن القدس، اضطرت القوات الأردنية إلى القتال من أجل السيطرة على حصتها المتمثلة في البلدة القديمة والحي اليهودي، وكانت هذه المرة الأولى لاشتباك الطرفين معًا، أما بن غوريون فطلب من زملائه مناقشة تداعيات حدوث حملة عدائية أردنية أعنف في المستقبل القريب، والنتيجة تمثَّلت في رسالته بعد الاجتماع قائلًا: “تطهير فلسطين يبقى الهدف الرئيس للخطة دالت”، واتضح فيما بعد صحة توقعاته، إذ حُيِّد التحالف الضمني المعقود بين الملك عبدالله والحركة الصهيونية، وتسمية رئيس هيئة أركان الفيلق العربي الإنجليزي غلوب باشا، لحرب 1948 بالحرب المزيفة كان موفقًا، فمثله كأغلب المستشارين البريطانيين للجيوش العربية، علم أن التحضيرات الأساسية التي قام بها الفيلق العربي لإنقاذ فلسطين عقيمة للغاية.
وبالنظر إلى التطهير العرقي فلم يتأثَّر الطرد الجماعي بانتهاء الانتداب، وأسطورة الهروب الطوعي للفلسطينيين إبان بدء الحرب مخلين الطريق أمام الجيوش الغازية، لا أساس لها من الصحة، طرد المئات بالقوة قبل بدء الحرب، وطرد العشرات في الأسبوع الأول من بدئها، وتاريخ 15 آيار/مايو 1948 لم يكن مهمًّا لهم، كان كما أطلق الكاتب “مجرد يوم آخر في الروزمانة المرعبة للتطهير العرقي الذي كان قد بدأ قبل أكثر من 5 أشهر.
الفكرة من كتاب التطهير العرقي في فلسطين
بعد الهولوكوست، بات من المستحيل إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية، والآن في عالمنا المعاصر، ومع تكاثر وسائل الإعلام الإلكترونية وانتشارها، لم يعد في الإمكان إنكار كوارث من صنع البشر، أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام، ورغم هذا فإن جريمة التطهير العرقي في فلسطين جرى محوها كليًّا من ذاكرة العالم، وحدث مصيري كهذا، وهو الأكثر أهمية في تاريخ فلسطين الحديث، أُنكر بصورة منهجية منذ وقوعه، وإلى الآن لم يُعترف به كحقيقة تاريخية، أو حتى جريمة يجب مواجهتها سياسيًّا وأخلاقيًّا.
مؤلف كتاب التطهير العرقي في فلسطين
إيلان بابيه: أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة، ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية لنفس الجامعة، كما أنه مؤرخ إسرائيلي بارز، وناشط اشتراكي، وينتمي إلى تيار المؤرخين الجدد، من أشهر أعماله “10 خرافات عن إسرائيل”، و”خارج الإطار”، و”أرض واحدة وشعبان”، و”الشرق الأوسط الحديث”، وتم دعمه من قبل بعض المؤرخين، وتعرض من جهة أخرى للكثير من النقد الإسرائيلي، وقبل مغادرته إسرائيل عام 2008 تمَّت إدانته من قبل الكنيست، وتلقَّى تهديدات عدة بالقتل، وظهرت صورته في إحدى الصحف بأنه مستهدف.