الحب عند الإغريق
الحب عند الإغريق
تنقسم كلمة الفلسفة (Philosophy) -وهي مشتقة من اليونانية- إلى قسمين (Philo بمعنى حب)، و(Sophy بمعنى الحكمة) أي حُب الحكمة، والإغريق هم من أطلقوا على الحب كلمة (Philo)، ودلت كلمة الفلسفة عندهم على حب الحكمة لأن الإنسان يسعى لفهم فلسفة الحياة، أي اكتشاف أصل الحياة والوجود، وكان الإغريق يشيرون إلى الحب الجسدي عندهم بمعنى إيروس (Eros) لأنهم أطلقوا على إله الحب في أساطيرهم الإله إيروس وتصوروا هيئته ورأوا فيه أنه رمز للقوة والصداقة، ووصفوه بالقسوة والغرور، واعتادوا إطلاق كلمة أجابيه (Agape) على الحب الروحي، واتخذوا من هذه الأسطورة رموزًا في مسارحهم وقصصهم ليعبروا عن الحب.
أما أفلاطون فقد نزع عن إيروس -وهو رمز الحب- هذا المفهوم، وصوَّر الحب على أنه نبع الحياة وهدف سامٍ كامل، لذا أطلق الناس فيما بعد على الحب السامي أنه الحب الأفلاطوني، وبناءً على فلسفة الحب عند أفلاطون نظر إلى الحب على أنه مرآة للوجود، فوضع الحب في موضعين: الجسد أو الروح، ورأى في فلسفته أن الحب لو ارتبط بالجسد كان أقل قيمةً من الحب المرتبط بالروح ولا يصل بصاحبه إلى السعادة والجمال الحقيقي، وانتشر بين الناس أن الحب الأفلاطوني هو علاقة حب سامية بين اثنين ليس لهما غرض جسدي، كما ربط أفلاطون الحب بالمعرفة لأن المعرفة عنده مرآة لعالم الروح غير المرئي.
أما سقراط فقد نفى عن إيروس الألوهية، وأنه ليس إلا موجه حكيم إلى الجمال الأزلي، وقال سقراط عن الحب: “إنما هو ضرب من الشوق أو الرغبة في شيء يعدمه المرء، ولما كانت الرغبة إنما تعني الحاجة أو الافتقار، فأن الإيروس يسعى نحو امتلاك الجميل، دون أن يكون هو نفسه جميلًا”، أما أرسطوفانيس -وهو من أخذ أفلاطون عنه نظرية أصل الحب في مؤلفه “الوليمة”- فالحب عنده يعني أنه “ببساطة الاسم الذي نطلقه على الرغبة والسعي نحو الوحدة كاملة”، وكل هذه الفلسفات عند الإغريق قادت فلاسفة التاريخ إلى استنتاج أن الإنسان يحتاج إلى الأمان والحب والعطاء والتبادل في المشاعر.
الفكرة من كتاب الحب الرومانسي بين الفلسفة وعلم النفس
ألم تتساءل يومًا لماذا نحب؟ وما مفهوم هذا الحب؟ كل هذه الأسئلة لها أجوبة حتى وإن كانت قاصرة على تجارب القليلين منا، بالتأكيد الحب أحد المشاعر البشرية الانفعالية والمعرفية للشخص، وهو علاقة تركيبية غير ثابتة من المثيرات والعواطف، والحب ليس فقط بين المحبين، بل بمختلف الأنواع، وأشهر نوع نعرفه من الحب هو الحب الرومانسي، ويُعد حبًّا غير عقلاني وغير حكيم في الغالب متغذيًا على الوهم، وفي هذا الكتاب يأخذنا الكاتب فارس نظمي إلى مفهوم الحب وأنواعه، وبخاصةٍ الحب في عصر الحب الرومانسي، والحب بين الفلسفة وعلم النفس.
مؤلف كتاب الحب الرومانسي بين الفلسفة وعلم النفس
الدكتور فارس كمال نظمي: أستاذ جامعي عراقي، وكاتب وباحث في سيكولوجيا السياسة والدين والشخصية الاجتماعية والهوية الوطنية والاحتجاج والعدالة الاجتماعية، وهو ناشط في عدد من منظمات حقوق الإنسان وحركات الجندر، وهو حاصل على بكالوريوس الهندسة المدنية، ودكتوراه علم النفس الاجتماعي من جامعة بغداد.
له عدة كتب ودراسات ومقالات، ومنها: “سيكولوجيا الاحتجاج في العراق: أفول الأسلمة.. بزوغ الوطنياتية”، و”الرثاثة في العراق: أطلال دولة.. رماد مجتمع”، و”الأسلمة السياسية في العراق: رؤية نفسية”، و”المحرمون في العراق: دراسة في سيكولوجية الظلم”، و”مقالات ودراسات في الشخصية العراقية”، و”سـنحاول أن نزهر” (مجموعة شعرية).