الحب النائي والزواج بُغية الهجرة
الحب النائي والزواج بُغية الهجرة
إن الإنسان لا يصحو فجأة من نوم يغُط فيه ليجد نفسه قد أصبح جزءًا من الأسرة المعولمة، أو أسيرًا لعلاقة حب ناءٍ، بل إن هذا التحول من الأسرة التقليدية والحب الداني إلى الأسرة المعولمة والحب النائي يحدث بشكل تدريجي، لأن الدافع الكامن وراء ذلك هو التطلع إلى حياة أفضل أو الوساطة في عملية الزواج أو وكالات الزواج الدولية وإعلاناتها، أو المحادثات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وليس فقط الصدفة أو قوة الحب.
وبالنظر إلى الزواج بُغية الهجرة، نجد أنه واحد من ثلاثة طُرق يسلكها المهاجر وهي متمثلة في اللجوء، والهجرة غير الشرعية المحفوفة بالمخاطر، وأخيرًا “الحق في تكون أسرة”، ويرى جيل الشباب في العالم الثالث أن الزواج من مواطنة غربية أو مواطن غربي هو بوابة الولوج إلى العالم الأول، وكما هو معلوم في عصر الرأسمالية والعولمة، فإن الطلب على شيء ما يؤدي إلى نشأة سوق خاصة به، ومن هنا نشأت سوق عالمية خاصة بالزواج تُلبي احتياجات المهاجر وصاحب البلد المضيف، ومن ثم انتشرت الزيجات المتجاوزة للحدود القومية والقارات.
وعلى الرغم من أن كثيرًا من القصص والروايات تمدح الزواج من أجل الهجرة، وأنها الطريقة الأكثر فاعلية بالنسبة إلى نساء العالم الثالث للحصول على المكانة الاجتماعية والأمان الاقتصادي، فإن هناك كثيرًا من المآسي تعرضت لها النساء اللاتي تزوجن بُغية الهجرة، إذ أصبحن ضحايا إما للزواج القهري وإما للاتِّجار بهن أو معاملتهن كآلة جنسية، كما توجد حالات يكون فيها الضحية هو مواطن البلد المُضيف، إذ تعتبر المهاجراتُ الرجلَ ماكينة ATM، فإذا ما نضبت موارده المالية انتهت العلاقة الزوجية، ومن ثمَّ تبحث عن رجل أو بالأحرى زوج آخر تستغله ماديًّا.
الفكرة من كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
يتناول المؤلفان العلاقات العاطفية التي تمتد عبر البلاد والقارات وتفصل بينها المسافة الجغرافية، العلاقات المبنية على التوافق وعدم التوافق، واختلاف اللغة والنظم السياسية والقانونية، مُستعرضين الحب عن بُعد أو الحب النائي، ومتطرقين إلى فوضى الحب حول العالم مبينين جميع صور الحب والعلاقات النائية التي خلقتها التكنولوجيا، ويوضحان أن العلاقات التقليدية والأسر الكلاسيكية التي سيطرت على العالم خلال القرون الماضية أصبحت على شفا الأُفول، لتحل محلها العلاقات والأسر المعولمة التي صار فيها الحبيب هو البعيد الداني، وليس القريب الحاضر.
مؤلف كتاب الحب عن بُعد.. أنماط حياتية في عصر العولمة
أولريش بك : عالم اجتماع ألماني، ومُدير معهد العلوم الاجتماعية في جامعة ميونخ الألمانية، ويُدرِّس في الوقت نفسه في جامعة “London school of Economics”، كما أنه عضو في لجنة حكومية تهتم بشؤون المستقبل بمقاطعة بافاريا الألمانية، من مؤلفاته التي تُرجمت:
ما هي العولمة؟
هذا العالم الجديد.. رؤية مجتمع المواطنة العالمية.
وإليزابيث بك : عالمة اجتماع ألمانية، درست علم الاجتماع وعلم النفس في جامعة ميونخ بألمانيا، حاصلة على درجة الأستاذية من جامعة (إرلانجن – نورمبرج)، وهي أرملة عالم الاجتماع “أولريش بك”، من مؤلفاتها:
Individualization: institutionalized individualism and its social and political consequences.
Reinventing the family: in search of new lifestyles.
معلومات عن المترجم:
حسام الدين بدر: كاتب ومترجم مصري، من ترجماته:
الزمن المختوم.. حالة الركود في العالم الإسلامي.
أحلام الخليفة.. الأحلام وتعبيرها في الثقافة الإسلامية.