الحاجة إلى القبول
الحاجة إلى القبول
لا يخفى علينا أن من أهم الأمور التي يحتاج إليها الطفل هو أن يشعر بتقبُّل أهله له، وأن يُحترم دون شروط وقوانين، فمن ضمن الأخطاء التي يقع فيها الآباء هي المقارنة بين الأولاد مع التجاهل التام للفروق الفردية، فمن المعروف اختلاف جمع البشر بعضهم عن بعض، فعندما تقارن طفلك بغيره فكأنك تقارن قدرات ومهارات مختلفة تمامًا، لأن لكل طفل مميزاته الخاصة به، واستخدام هذا الأسلوب يزرع الأسى بداخل الطفل حتى لو كانت نيَّتك التحفيز!
فحتى الإخوة الذين تربَّوا في نفس البيئة والأسرة توجد بينهم فروق واختلافات، وكل هذا من الطبيعي جدًّا، وتذكَّر أن أطفالك ليسوا نسخًا مكررة بعضهم من بعضهم!
كذلك لا يحقُّ لك مقارنة درجات ابنك بدرجات أحد آخر، إذ إن عدم مراعاة الفروق الفردية خطأ آخر ينتج عن المقارنة، ويسبِّب الكوارث في نفسية الطفل.
هذا ويأتي القبول كشرط أساسي للتربية الإيجابية لأن اشتراط القوانين يُعدُّ أسلوبًا سلبيًّا ومؤذيًا، وقد يعدمهم حس المسؤولية أيضًا، وهذا يختلف عن التشجيع الإيجابي بالتأكيد، فمن المهم تشجيع الأبناء ولكن بالطريقة السليمة مثل تشجيع الأم لطفلها في حفظ سور القرآن بإعطائه هدية قد وعدته بها، وهذا الأسلوب قد يصلح للطفل حتى عمر الثامنة ولا يشترط التشجيع بشيء مادي، ويُتجنَّب الإسراف في الوعود المتكرِّرة للطفل لأن هذا أيضًا من ضمن الأخطاء، فلا يقال للطفل: “أعدك إن كففت عن فعل الشيء الخاطئ الفلاني سوف أعطيك هذا”، فهنا كأن الآباء يثيبون الطفل على عمل يجب عليه الانتباه له أصلًا، لذا سيكبر وهو يريد دائمًا أخذ مقابل لكل شيء.
وقد يقع الوالدان في خطأ عقاب الطفل عقابًا عرضيًّا على سلوكه الجيِّد، فالطفل حينما يفعل الشيء الجيد ولا يجد المدح المناسب يشعر بالتجاهل وتقل ثقته بنفسه، لذا فإن التركيز على النقاط السوداء لا تجدي نفعًا للطفل لأنه يحب الامتداح والحنو ولكن بشكل متوازن حتى لا يتم الإسراف في تدليله، المهم ألا تتم عقوبته بالتجاهل، بل ينظر في تصرُّفاته الحسنة ويشجِّع عليها قدر الإمكان ويدعم ماديًّا ومعنويًّا حتى يرتقي بشخصيته ويحسِّن من ذاته.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.