الحاجة إلى الثقة
الحاجة إلى الثقة
من أكثر الأمور التي يحتاج الآباء إلى إدراكها حاجة أبنائهم إلى الثقة، فالطفل يحب أن يُعامَل باحترام حتى يكتسب ثقته في نفسه وحتى ينعكس ذلك على تصرُّفاته مع الآخرين، والرفق واللين مطلوبان حتى وقت صدور الأخطاء منه، فهو ليس مادة للنقد والسخرية، حتى لا يتولَّد بداخله الأسى والشعور بالدونية.
وهناك بعض النصائح المهمة لزرع الثقة في نفوس الأبناء، كالانتباه لعدم الوصف السلبي للطفل، فالألفاظ مثل أنت غبي وفاشل ولا تفهم تؤثر في نفس الطفل وتجعله مزعزع الثقة بالنفس، كذلك اجعل طفلك يعتمد على ذاته لأنه بهذا يتعلَّم المسؤولية بسهولة، وساعده على عمل علاقات طيبة، وحفِّزه للصحبة الحسنة الصالحة وازرع بداخله مفهوم الصداقات الجميلة، وعندما ترفض تصرفاته الخاطئة اجعل ذلك مقرونًا بالرفق وأحسِن الإنصات إليه لكي تشعره أنه جدير بالاهتمام، واغرس في نفس طفلك مفهوم الهمَّة والتكرار وعدم اليأس، وأثنِ عليه بشكل متوازن كلما تسنَّى لك ذلك، فحتى لو ارتفع تحصيله الدراسي نقطة واحدة يجب عليك إظهار السعادة له، واقبله كما هو بعيوبه وميزاته والفت نظره إلى الأشياء الجميلة من حوله مثل الجمال الموجود في الطبيعة حتى تحفِّز بداخله قيمة الامتنان والتأمل وعمق الخيال، ولا تنسَ أن تخبره بحبك دائمًا، فالمشاعر من الأشياء المهمة التي تنمي الثقة والتعاطف بداخل قلب الطفل.
كذلك يجب عليك الانتباه من الوقوع في خطأ عدم التدرُّج في التعامل مع الطفل، فهناك أمهات وآباء لا يريدون أن يتدرَّجوا مع الطفل في التعاملات، بحيث يعاملونه بنفس الأسلوب خلال جميع مراحله، فبعض الأفعال التي تصدر من الطفل تكون طبيعية وقتها، ولكن من الممكن أن يتم تهويل الأمر بشكل مبالغ فيه من قِبل الآباء، مثل الأم التي تضرب ابنها على التبوُّل اللاإرادي في سن العام والعامين، بينما هذا هو الطبيعي أصلًا حيث ما زال الطفل غير متحكِّم في ذاته ويحتاج إلى التمرُّن.
الفكرة من كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
إن التربية السوية للأبناء هي مسؤولية الوالدين، فمن يزرع الخير في أبنائه سوف يحصده ولو بعد حين، ولكن حينما ينشأ الطفل على خلافات وتناقضات وأساليب قاسية في المعاملة، سينمو كل هذا الأذى بداخله حتى يكبر في المجتمع بشخصية هشَّة وغير متزنة، لذا على كل والد ووالدة أن يضعوا هدف التربية السليمة نصب أعينهم، وأن يكون غاية حلمهم هو النشأة الآمنة للأطفال.
قال النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم): “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيَّته”.
مؤلف كتاب خطأ وأسلوبًا مرفوضًا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها
الدكتور ياسر نصر: حاصل على دكتوراه في الطب النفسي (كلية الطب – جامعة القاهرة)، مُدرِّب لمهارات الحياة الأسرية، واستشاري تربوي لبعض المدارس الخاصة، له العديد من الكتب العربية والمترجمة للفرنسية والإنجليزية، ومن مؤلفاته: “فن التعامل مع المراهقين”، و”طفلك والصلاة”، و”كيف تصنع طفلًا مميزًا؟”.