الجميع يكذب حتى الحيوانات!
الجميع يكذب حتى الحيوانات!
صاغ الفيلسوف اليوناني إِبِيمِنِيدِس الكِرِيتي إشكالية تسمى الراوي الكاذب، عندما ادعى أن جميع الكِرِيتيين كاذبون، ليضعنا في حَيْرة شديدة، هل نصدّقه فيسقط ادعاؤه، أم نكذّبه؟ سندور في حلقة مفرغة، لنعلم أن الأكاذيب يمكنها إزعاجنا، ولكن قبل أن نتسرع ونظلم البشر ونفترى عليهم بأنهم جميعًا كاذبون، سنلقي نظرة على الطبيعة، لنرى كيف أن الكذب متغلغل فيها، حتى قبل أن نخترع اللغة التي نتحدث بها اليوم.
تمتلك الحيوانات قدرات كبيرة على التمويه والخداع والمحاكاة، تستغلها لكي تنجو من أنياب الطبيعة القاسية، وأشهر مثال على ذلك هو الحرباء التي تتلون حسب محيطها لتختفي عن الأنظار بسهولة، بالإضافة إلى جلود الحيوانات المفترسة كالأُسود والفهود، لاحظ كيف تناسب الألوان الكاسية للبرية، حتى في أعماق البحار تخدع قشورُ السمك الأعينَ، ومن يصدق أن الذباب يتقمص أحيانًا دور النحل؟! وإذا وسعنا الدائرة فسنجد جميع الأنواع الحية لها أساليبها الخاصة في التماهي مع البيئة!
وصولًا إلى البشر الذين وقفوا أمام سؤال “ما الحقيقة؟”، محاولين إيجاد الإجابة المناسبة، حتى انقسموا قسمين رئيسين، الأول ادعى أن الحقيقية ماهية فريدة مثالية منفصلة بذاتها، أما الآخر فيرى الحقيقة مجرد زعم مطابق للواقع، أما الكذب فهو عملية بين طرفين، هدفها حمل الآخر على تصديق عكس الحقيقة، وخاض الفلاسفة والمفكرون عديدًا من الصراعات محاولين إثبات صحة مواقفهم بين الحقيقة والكذب، وأشهرهم على الإطلاق هو الفيلسوف رِينِيه ديكارت، الذي أسهم بمجهوده الوفير في صياغة رؤية عامة، رآها موصلة إلى الحقيقة، ومنقذة للإنسان من السقوط في العدمية.
الفكرة من كتاب تاريخ الكذب
هل نحب الكذب؟ بالتأكيد ستخرج الإجابة سريعة “لا”، ولكن هل نمارس الكذب؟ هنا سنتمهل قليلًا للتفكير، فقطعًا كذبنا عدة مرات، سواء للنجاة أو للحصول على أمر نريده، فلنوسع الدائرة قليلًا وننظر إلى حضارتنا، هل هي أيضًا تنجو وتنمو بالكذب؟
سيأخذنا خْوَان في رحلة عبر مجالات حضارتنا، لنرى الدور المؤثر الذي يلعبه الكذب في صناعة تفوقنا البشري، وكيف تعتمد عليه السياسة، وما آثاره في الأدب والفن، وكيف ننجو اجتماعيًّا بالكذب والخداع.
مؤلف كتاب تاريخ الكذب
خوان جاثينتو مونيوث رنخيل: فيلسوف وكاتب وروائي، ولد في إسبانيا عام 1974م، يعد من أكثر الكتاب الواعدين في إسبانيا، وأسس مدرسة Imaginadores للكتابة الإبداعية في مدريد، حاز ما يزيد على خمسين جائزة أدبية وطنية ودولية عن قصصه القصيرة، ونُشِرَت أعماله في نحو عشر دول، ومن أشهرها:
La capacidad de amar del señor Königsberg
El gran imaginador o la fabulosa historia del viajero de los cien nombres
El sueño del otro
معلومات عن المترجم:
طه زيادة: صحفي ومترجم للإسبانية، ولد في القاهرة عام 1971م، وتخرج في قسم اللغة الإسبانية بكلية الآداب جامعة القاهرة في عام 1992م، ونشر نصوصًا مترجمة من الإسبانية في عديد من المجلات والصحف المصرية منذ كان طالبًا في الجامعة، من بينها صباح الخير، وروز اليوسف، وأخبار الأدب، والأهرام العربي، عمل مترجمًا صحفيًّا في وكالة الأنباء الإسبانية (إفي) وسفارتي بيرو وإسبانيا.
من أشهر أعماله الترجمية:
رحلتي إلى مصر وسوريا وفلسطين.
ماذا يحدث في كتالونيا.