الجدولة وإدارة الشبكات
الجدولة وإدارة الشبكات
في صيف عام ١٩٩٧م، تابع العالم الروبوت Pathfinder وهو يستكشف سطح المريخ لأول مرة، المفاجأة كانت أنه ترك مهمته الأساسية وبدأ في التسكع، وعلى الأرض تمكن فريق المهندسين بوكالة ناسا من تحديد أن السبب الرئيس هو انعكاس في الأولويات Priority Inversion؛ ما حدث أن الخوارزمية المسؤولة تفضل المهام ذات الأولوية العالية على غيرها عندما تتطلب أداء عدة مهام في الوقت نفسه، المشكلة تظهر عندما يكون هناك تسلسل منطقي يُحَتِّم إتمام أحد المهام الأقل في الأولوية قبل المهام الأخرى، حينها لا بد أن نُعِيد ترتيب الأولويات حتى لا نُخِل بالعمل. يعتمد اختيار الخوارزميات المسؤولة عن ترتيب المهام على حسب الغرض المراد قياسه، فقد يتم ترتيب المهام تصاعديًّا حسب الفترة الزمنية لكلٍّ منها لإنجاز أكبر عدد ممكن، أو الاستعانة بمؤشر يوضح أهميتها مقارنة بالوقت اللازم لها. من أجل أن يعمل الحاسوب بمرونة فإنه يتنقل بين المهام بصورة دائمة، مما يحمله تكلفة حسابية لإعادة توظيف مصادره ونقطة تركيزه، وهناك أزمة تحدث عندما تكون تكلفة هذا التنقل كبيرة مقارنة بفترة العمل الأساسية مسببة ضعفًا في الأداء، لذا يراعى دائمًا أن تكون فترة العمل على المهام أكبر من الوقت اللازم للتنقل في ما بينها.
من الخوارزميات الأخرى التي تقوم بتنظيم حركة العمل تلك المتعلقة بشبكات الإنترنت كبديل عن وسائل تنظيم الاتصالات سابقًا مثل تحويل الدوائر؛ هي خوارزمية تسمى Packet Switching، فمع اختلاف طبيعة التواصل عبر الإنترنت التي تتصف بعدم الاستمرارية، ظهرت الضرورة لوجود شبكات لا تتأثر كفاءتها بسقوط إحدى حلقاتها، كما يمكنها خلق مسارات لتوصيل المعلومات بأقل الإمكانيات، وبزيادة عدد الوحدات المكونة للشبكة لوحظ وقوع تصادمات عديدة وأصبح من اللازم ابتكار طرق لتفادي سقوط الشبكات، إحدى هذه الطرق هي خوارزمية التراجع الأسي Exponential Backoff، أساسها هو أن تقوم الحلقات بترك مدة زمنية محددة عندما يحدث تصادم قبل أن تعاود الإرسال مرة أخرى، وبتكرار التصادم تتضاعف المدة الزمنية اللازم انتظارها بتسلسل 1 2 4 وهكذا، الأمر أشبه بحدوث أي نوع من التصادم بين شخصين مما يحتم على أحدهما أن يترك مهلة للآخر. والتصادم ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه الشبكات، فهناك مشكلة فقد البيانات التي تعالجها الشبكات عن طريق تحديد معدل الإرسال الذي يرتفع بزيادة عدد حزمات البيانات الصحيحة ويقل للنصف عند حدوث أول خطأ، هذه الطريقة تكافئ الشبكات المستقرة وتعاقب الشبكات الفوضوية، وتسمى هذه النظرية بالزيادة المضافة والنقص المضاعف AIMD، تعد نماذج الإدارة والتوظيف تطبيقًا لهذه النظرية.
الفكرة من كتاب خوارزميات للعيش وفقًا لها: العلوم الحاسوبية للقرارات البشرية
يتخيل أغلب الناس أن الحواسيب الآلية هي آلات تؤدي بعض المهام عن طريق إجراء حسابات لا نهائية كما يوحي الاسم، ولكن علماء الحاسب سيخبرونك بقصة مختلفة كثيرًا.
فعلى سبيل المثال تتصف البرامج الحاسوبية بالكفاءة عندما تقوم بأقل عدد ممكن من العمليات الحسابية، وعند تصميم الخوارزميات تتم الاستعانة بعلوم الرياضيات والإحصاء لتصميم نماذج يمكنها حل المشكلات والاستفادة المثلى من الموارد المحدودة للحاسب، التي تتمثل في الوقت المستغرق في العمليات الحسابية، والمساحة المتاحة لتخزين البيانات المطلوبة.
وبإلقاء نظرة سريعة على أغلب المشكلات التي تواجه الأفراد في المجتمع، يمكننا تصنيفها إلى نوعين: الأول يختص بعلاقة الإنسان بنفسه وعناصر الطبيعة من حوله، والآخر ينشأ من ديناميكية العلاقة بين الإنسان والمجتمع، وتتشارك هذه المشكلات في أنها غالبًا ما تظهر نتيجة لطبيعة الوقت والمكان المحدودة، وبهذا يتبين أن الإنسان والحاسب عليهما مواجهة المعوقات والقيود نفسها التي تجعل اتخاذ القرارات السليمة أمورًا في غاية الصعوبة والتعقيد، وبخاصة عندما لا يتوافر القدر الكافي من المعطيات وتصبح الغاية هي محاولة الاقتراب من الحل الصحيح قدر الإمكان.
مؤلف كتاب خوارزميات للعيش وفقًا لها: العلوم الحاسوبية للقرارات البشرية
برايان كريستيان: هو كاتب وشاعر وباحث في علوم الحاسب، حصل برايان على البكالوريوس في مجالات الحوسبة والفلسفة من جامعة “براون”، وهو مؤلف الكتب: “The Most Human Human”، و”The Alignment Problem” التي تبحث في العلاقات بين الإنسان والآلة.
توم جريفيث: هو بروفيسور ورئيس معهد علوم المخ والإدراك في بيركلي، عمل مدرسًا مساعدًا بقسم علم النفس والعلوم المعرفية بجامعة “براون”. حصل “جريفيث” على الماجستير والدكتوراه من جامعة ستانفورد، ويدور عمله حول استخدام أساليب تعلم الآلة في دراسة المهارات الذهنية لدى الإنسان مثل التعلم والذاكرة وغيرها.
معلومات عن المترجم:
د. إيهاب عبد الرحيم علي: طبيب وكاتب ومترجم علمي مصري حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة أسيوط، عمل طبيبًا في وزارة الصحة المصرية ورئيس قسم التأليف والترجمة في مركز تعريب العلوم الصحية بالكويت.