الجدل
سننتقل الآن من استراتيجيات للردِّ على الهجوم الصريح، لاستراتيجيات للقدرة على إدارة النقاشات، ويحتاج الأمر إلى طرح الأسئلة الصحيحة والرد بالإجابات الصحيحة، وقبل الخوض فيها علينا أن نتعلَّم كيف نتحلَّى بروح المبادرة، فعلينا ألا ننتظر حتى يتحدَّث الطرف الآخر، فهذا يُخفِّف التوتر ويوحي للطرف الآخر بثقتنا بأنفسنا.
علينا أن نتعلَّم أيضًا فن طرح الأسئلة، ومن ضمن الاستراتيجيات التي تم طرحها: استراتيجية وضع المهام، ويكون الغرض منها هو جعل الطرف الآخر يتحوَّل إلى متلقٍّ، ويشعر بالاضطراب عند الشعور بالهجوم أو الضعف، فحينها علينا توجيه أسئلة أو طلب للطرف الآخر، ويُمكن استخدام الأسئلة التعريفية في هذه الحالة، فمثلًا عندما يتم اتهامنا بالإهمال أو الفشل يمكننا أن نسأل الطرف الآخر عن تعريف المصطلحين من وجهة نظره، وهناك أيضًا الأسئلة المفتوحة، ولا تكون في شكل أسئلة، بل جملة في هيئة سؤال مثل: حياتك كانت عسيرة ثم النظر إلى المتلقي، حينها نحمل الطرف الآخر على التكلُّم من دون طرح أسئلة، وهذه الاستراتيجية عادةً يستخدمها الصحفيون، هناك شكل آخر للأسئلة المفتوحة، وهي الأسئلة المزدوجة أي ذكر عدة أسئلة دفعة واحدة.
إلى جانب الأسئلة المفتوحة والمزدوجة يوجد الأسئلة الاتهامية، ولا تظنُّ من لفظ اتهامي أنها بالضرورة سلبية، فهي مبنية على احتمال نكون افترضناه عن المتلقي سواء كان سلبيًّا أو إيجابيًّا، فمثلًا: لا نسأل هل تحب عملك؟ بل لماذا تحب عملك؟ ويمكن استخدام الإثبات مع هذا النوع من الأسئلة أي ذكر سيناريو يدلُّ على ترجيح الاحتمال الذي نفترضه، يمكن زيادة حجم المبيعات بهذا الأسلوب، فبدلًا من سؤال العميل بصيغة: هل تريد كذا؟ بل نفترض أنه يريد ونسأله عن الكمية التي يرغب فيها، أو نستخدم استراتيجية السؤال الاختياري، فلن نسأله إذا كان لديه رغبة أم لا، بل هل يفضِّل هذا العرض أم العرض الآخر؟ لكن إذا كنَّا في الطرف الآخر الذي يحتاج إلى المساعدة يمكن استخدام الأسئلة التحفيزية، حيث نوضِّح للطرف الآخر كم هو خبير في الأمر الذي نحتاج فيه إلى المساعدة ثم نطلب رأيه، حينها سيعرض رأيه بحماس أكثر ويخضع من دون أي مقاومة.
الفكرة من كتاب لا تقع فريسة لزلَّة لسانك: هكذا تصبح سريع البديهة وأكثر نجاحًا
تتعرَّض لمضايقات ممَّن حولك وتعجز عن الرد، أو يقوم أحدهم بسرد جملة فكاهية ولا تستطيع التفاعل سوى بالابتسام، وبعد مرور الموقف بساعات يجول في خاطرك الرد المثالي، ولكن ما الجدوى من ذلك، هل سنعود بآلة الزمن إلى الماضي أم سنقوم بالرد بعد مرور الموقف؟ لا يتبقَّى لنا سوى الإحساس بالحسرة.
ينعقد اللسان لأن العقل يدخل في حالة من الصدمة والضغط النفسي لأنه يكون غير مُبرمج على الهجوم والهروب، وتظلُّ الأفكار تائهة، وذلك بسبب عدم وجود موهبة تسمَّى سرعة البديهة، ولهذه الموهبة نوعان: نوع خاص بالدفاع عن النفس ضد الهجوم اللفظي، والنوع الآخر خاص بإبداء جمل فكاهية عفوية انطلاقًا من الموقف، وتم تناول كليهما خلال هذا الكتاب، سنتعلَّم من خلال هذا الكتاب فنون وأساليب سرعة البديهة التي ستحول دون الوقوع في حالة الصدمة التي تشتِّت عقولنا وتعقد ألسنتنا.
مؤلف كتاب لا تقع فريسة لزلَّة لسانك: هكذا تصبح سريع البديهة وأكثر نجاحًا
ماتياس پوم: مؤلف ألماني، وُلِد عام ١٩٦٠ بمدينة لوهر إم ماين، بولاية بافاريا، وحصل على درجة علمية في هندسة الاتصالات، وقد حضر دورات في ممارسة الخطابة بعد تجربة عفوية مرَّ بها ليبدأ بعد ذلك العمل لحسابه الخاص كمدرِّب عام ١٩٩٧، له عدَّة مؤلفات، منها:
Schlagfertig auf dem Schulhof. Wie man Großmäulern clever Paroli bietet
Vergessen Sie alles über Rhetorik
معلومات عن المترجم:
الدكتور إلياس حاجوج: باحث ومُترجم سوري، قام بترجمة عدَّة أعمال، ومنها:
أبناء بروميثيوس: تاريخ البشرية قبل اختراع الكتابة.
الشفاء بالتغذية: أكل أفضل.. صيام سهل.. حياة أطول.
لصة الفاكهة.