الجحيم
في القرن الخامس عشر عندما غزا البحَّارة الإسبان والبرتغاليون جزر الكناري بحثًا عن الطرق البحرية التي ستساعدهم على التجارة، سرعان ما بدؤوا ببناء مزراع السكر فيها، وأتوا بالعبيد من أفريقيا المجاورة لمساعدتهم، وأثناء رحلتهم الثانية إلى ما كانوا يعتقدونه أنها آسيا كان يقودهم كولومبوس لخبرته الخاصة بهذه الجزيرة، لكنه أيضًا حمل معه قصب السكر، فانتشرت زراعته هناك، وأصبحت زراعة السكر أشبه بما يمكن تسميته بثورة الذهب الأبيض، وأدرك الأوروبيون كيف يمكن باستغلال العبيد أن تفتح عليهم هذه التجارة ثروة هائلة، فجعل الأوروبيون البرازيل مركزًا لصناعة السكر، ووجد الفرنسيون تربة غنية في هيسبانيولا لزراعته، وكلما ازدادت زراعة القصب، تم بناء مطاحن أكثر، وجلب المزيد من الأشخاص من أفريقيا للعمل في المزارع، وعلى مدى أربعمائة سنة لاحقة تم نقل نحو ثلاثة ملايين أفريقي إلى البرازيل.
وخلال أكثر من مائة سنة، دفع السكر أكثر من 900000 شخص إلى العبودية عبر المحيط الأطلسي إلى بربادوس وجامايكا، وكانوا مجرد جزيرتين من جزر السكر، وبعد رؤية ثروات السكر انطلق الفرنسيون إلى تكوين مستعمرات سكر خاصة بهم مليئة بالعبيد الأفارقة، فانتشر السكر لدرجة تمكُّن العامة من تحمُّل ثمنه، وبالنسبة لملايين الأفارقة الذين تم أخذهم للعمل في مزارع السكر لم يكن يتم تعليمهم القراءة والكتابة، فقد كانوا فقط جزءًا من آلة صنع السكر، ولا يهم أين رست سفينتهم، ففي كل الحالات لا يتوقَّفون عن العمل، حيث يتم ضرب العبيد الذين لم يحفروا على الأقل 28 ثقبًا للقصب في الساعة، حيث كان من الممكن أن يقضي العامل ما بين 10 إلى 14 ساعة منحنيًا في اليوم
وبالنسبة إلى أكواخ العبيد فلم تكن سوى حظائر مفتوحة، وحين تنضج النباتات يستعد العبيد لقطع الخشب وإشعال النار، وعلى الرغم من صعوبة قطع القصب فإنه لم يكن كذلك مقارنةً بسحق أكوام من القصب الطازج، وكثيرًا ما كانت النساء تقوم بهذا العمل الخطير دون راحة، حتى إذا ما أغلقت العاملة عينيها ثانيةً حتى تخترق بكرات الطواحين ذراعها، وأيضًا كان مبنى غلي القصب محفوفًا بالمخاطر كالمطاحن، إذ إن غفوة بسيطة قد تجعل العامل يسقط في السائل المغلي.
الفكرة من كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
عندما يُذكر السكر في الصحف، يتكلَّم النقاد عن كمية الطعام الذي نأكله، وليس الذين عملوا في صناعته، ويحذِّر الأطباء من كون الشباب يكتسبون وزنًا كبيرًا من تناول الوجبات الخفيفة السكرية، ويقلق أولياء الأمور على صحة الأطفال الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الغازية، لكن لا أحد يفكِّر من أين تأتي هذه الحلاوة.
فيحاول المؤلفان هنا عرض ما أحدثه السكر من تغيُّرات في العالم، وكيف ارتبطت صناعته بتجارة العبيد في العالم؟ وما علاقة السكر بالسحر والعبودية؟ وما تأثير إنتاج السكر في العالم اقتصاديًّا وثقافيًّا!
مؤلف كتاب كيف غيَّر السكر العالم؟ قصة عن السحر، التوابل، العبودية، الحرية، والعلم
مارك أرونسون: أستاذ، ومتحدث، ومحرِّر يؤمن بذكاء الشباب وقوة عاطفته، ويرى أن مهمته هي إلهام الشباب لطرح الأسئلة، وله العديد من المؤلفات، منها:
Traped.
One Death, nine stories.
مارينا بودوس : مؤلفة حائزة على جوائز عدة في مجال الكتب الخيالية والواقعية، وبما في ذلك جائزة ALA، ومن مؤلفاتها:
Ask Me No Question.
Watched.
The Long Ride.
المترجمة: فاطمة نعيمي