الثقة وتنمية الأبناء
الثقة وتنمية الأبناء
كثير من الآباء لا يرون أولادهم إلا وهم نيام، وأحيانًا لا يرونهم إلا كل أسبوع أو على فترات متباعدة، ويُسحب الأب في دوامة الحياة المادية الطاغية، فلا يكون له أي دور في تربية أبنائه، ولا يكون لهم نصيب من توجيههم والحديث معهم في الجد والمرح، لذا على الوالد تخصيص وقت كل يوم لمجالسة أبنائه وليكن وقت الطعام أو ساعة قبل النوم، واصطحابهم لزيارات الأقارب وشراء الطلبات والتنزُّه، كل ذلك يسهم في استقرار الأبناء نفسيًّا وعاطفيًّا.
وعلى الوالد ألا يفسد ابنه بالخوف عليه من أن يخطئ أو يتعثَّر، ولا يسارع بإتمام المهام عنه، بل يمنحه الثقة ليجرِّب ويحاول، فالثقة تجلب مزيدًا من الثقة، ويصبر عليه حتى يتعلم، إذ كما يقول شارلز ليونارد: “يحاول كثير منا أن يحموا الأطفال من الفشل خوفًا عليهم من أن يتألموا، ولا ندرك أننا نسبب لهم ألمًا أكثر على مرِّ الأيام”، كذلك فإن من الخطأ التقليل من جهود الأبناء ومساءلتهم عما ينقص دائمًا ظنَّا منا أن ذلك يدفعهم إلى إحراز المزيد، لكنه يحبطهم ويفقدهم الثقة في قدراتهم حتى يتوقف بعضهم عن بذل الجهد بالكلية، لأنه بات مؤمنًا أنه مهما فعل فلن يُرضي والديه، لذا علينا أن نمتدح مجهودات أبنائنا، وأن نمنحهم الفرصة باستمرار للمحاولة، ومنحهم مهام ومسؤولياتٍ يمكنهم النجاح فيها لمنحهم الثقة والتدرُّج معهم في صعوبتها.
وعلى الوالد احترام رغبات الولد وميوله، فلن يصبح جميع الأبناء أطباء ومهندسين، ولا تتساوى قدراتهم ولا مواهبهم، والأب الفطن يحاول اكتشاف قدرات أبنائه وينمِّيها فيهم ويشجِّعهم على ما يحبون لا على ما يحب هو، وقد كان النبي (ﷺ) يدرك ما يميز أصحابه، كما يدرك ضعفهم فلا يلومهم عليه، بل يزكي ما يميزهم، لذا عرفنا عنهم أن أرحمهم كان أبا بكر، وأن أعلمهم بالحلال والحرام
معاذ بن جبل، وأكثرهم شدة في الحق عمر بن الخطاب، وأحسنهم شعرًا حسان بن ثابت.
الفكرة من كتاب كيف تصبح أبًا ناجحًا
يفتتح المؤلف كتابه بحديث نبي الله (ﷺ): “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها..”
ولا شك أن جميع الآباء يحبون أبناءهم، ويبذلون كل جهودهم من أجلهم ومن أجل توفير عيش كريم لهم، لكن كثيرًا منهم يغفلون الجانب التربوي والنفسي وينشغلون في دوامة الماديات التي لا تنتهي، غير أن الأولى والأهم والأبقى هو الجانب التربوي والأخلاقي والنفسي، بل هو واجب شرعي على الأب تجاه أبنائه، إذ يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، ونحن في زمن كثُرت فيه الفتن، ولبس فيه الباطل ثوب الحق، فكانت مسؤولية الآباء أعظم وأخطر.
ومن هنا أفرد المؤلف كتابه ليبين للآباء أهم ما ينبغي لهم فعله تجاه أبنائهم، وطبيعة الأطفال في مراحلهم الصغيرة، وصفات المربي الناجح.
مؤلف كتاب كيف تصبح أبًا ناجحًا
عادل فتحي عبد الله: كاتب ومؤلف سعودي، مهتم بالجانب الاجتماعي الأسري والتربوي، له عدد من المؤلفات، منها:
احتياطات حتى لا ينحرف الأبناء.
سلسلة أحسن القصص (قصص القرآن للفتيان).
كيف تفكِّر بطريقة علمية.
أخطاء شائعة يقع فيها الأزواج.