الثقافة العبرية.. ثقافة الجمود!
الثقافة العبرية.. ثقافة الجمود!
تطرَّق الكاتب إلى الثقافة الثالثة الأقدم بعد الثقافتين العربية واليونانية وهي الثقافة العبرية، وقد رأى أن سبق العرب بثقافتهم لثقافة العبريين هو أوضح بكثير مما لليونان، والمصادر واضحة ومستمدة من أسفار التوراة نفسها، إذًا فمن العبريون؟
ترى أغلب المصادر أن نشأة العبريين كانت منذ أربعين قرنًا تقريبًا، وقد كانوا قبيلة بدوية صغيرة عاشت في جنوب شرق بلاد العرب، وظلت ما بين الإقامة والترحل حتى استقرت في جنوب وادي النهرين، ويستدل المؤرخون على تاريخ هذه القبيلة من تاريخ الحيوان الذين كانوا يعتمدون عليه في رحلاتهم وحمل أثقالهم “الحمار”، وبه انتقل العبريون من البادية إلى المدن، كما أصبح ذلك الحيوان حينها مطية ذوي الرئاسة والثروة من هؤلاء القوم.
وإننا نرى في هذه القبيلة العبرانية أنها لم تتطوَّر، وإنما اكتفت في معيشتها بأعمال السمسرة والوساطة التي اشتهرت بها، كما اشتهرت بعزلتها الاجتماعية والعصبية بالدم والسلالة، فلطالما ظنوا أنهم هم شعب الله المختار، وتختلف التعليلات كذلك في نسبة اسمهم، فالبعض يرى أنه نسبةً إلى عابر بن سام، والبعض الآخر يرى أن ذلك لأنهم عبروا نهر الفرات بعدما قدموا إلى وادي النهرين، وقد عُرِفوا كذلك قديمًا بضعفهم لكنهم كانوا يلجؤون إلى الأقوام القوية فيحتمون بهم من أعدائهم، ولهذا نرى أنهم لما نزلوا أرض كنعان جعلوا لغتهم الكنعانية حتى يكونوا منهم، ثم لجؤوا إلى مصر ليكونوا بها عدة قرون قبل ذَهابهم إلى الأرض التي سموها بأرض الميعاد.
الفكرة من كتاب الثقافة العربية
إذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء، أو بمعنى أدق إلى الوراء كثيرًا، لوجدنا أن أقدم الثقافات في تاريخ البشرية ثلاث، وهي: الثقافة العربية، والثقافة اليونانية، والثقافة العبرية، والحق أن الثقافة العربية هي أقدمها، ورغم كون الأمر غريبًا بعض الشيء فإنه مُثبت بأدلة تاريخية واضحة، ويهتم هذا الكتاب بذكرها، ولكن ماذا إذا كانت قراءة تاريخ أمةٍ منذ بدايتها تجعلنا نعرف أشد نقاط ضعفها؟ وهذا يشمل حتى كونها أقوى الأمم في وقتنا الحالي، هنا يتعيَّن علينا استخدام قاعدة أن التاريخ دائمًا ما يُعيد نفسه ولو اختلفت أدواته.
مؤلف كتاب الثقافة العربية
عباس محمود العقاد (1989 – 1964): أديب ومفكر وشاعر مصري، وعضو سابق في مجلس النواب ومجمع اللغة العربية، ويُعد أحد عمالقة الأدب في مصر والعالم العربي، ويُعد من أهم كُتَّاب القرن العشرين في مصر، إذ عُرف بأنه رجل موسوعي المعرفة، حيث ألَّف العديد من الأعمال فاقت مئة كتاب في شتى المجالات، أشهرها:
– حياة قلم.
– سلسلة العبقريات.
– الفلسفة القرآنية.
– أثر العرب في الحضارة الأوروبية.