الثقافة
الثقافة
تعد الثقافة أحد أهم مواضيع علم الاجتماع لكنها رغم ذلك تعد من المصطلحات المطاطة التي تتشكَّل وفق عقل المتكلم واعتقاداته، فلم يتفق العلماء (المثقفون) على تعريف عام مشترك لها حيث يتداخل فيها العديد من العوامل التي تصعب الإحاطة بها، ولكن على نحو عام يمكن التوافق على أنها تمثل نوعًا ما من الدلالة على مجموعة عوامل مجتمعة يتمثَّل بعضها في العادات والتقاليد، والمعتقدات الدينية، والنظم السياسية وطرق التفكير، وغير ذلك من القوالب المحددة للمفهوم الثقافي لأي مجتمع إنساني.
فالمعايير الثقافية تختلف إذًا في كل مجتمع حسب السياق التاريخي، وهذا يؤكد حقيقة أن الممارسات الثقافية تتميز بالخصوصية والتطور في آن واحد، فدائمًا ما يكون لثقافة الآخرين منطقها الخاص، الأمر الذي دفع البعض إلى إنكار مفهوم الوحدة الثقافية للمجتمع الواحد وتبنِّي فكرة تعدد الثقافات تبعًا للتغيرات الاجتماعية الواقعة على خط الزمن الخاص بتاريخ كل مجتمع على حدة، فعادةً ما تحتوي تلك الممارسات الثقافية على أسباب كامنة تتعلَّق بالصفات النفسية للشعوب، وعلى ذلك فليس من السهل فك هذا الاندماج بين الموروثات النفسية للجماعات وبين واقعها الثقافي المعاصر.
وبالنظر إلى الدلالات التي يعطيها الأفراد لأفعالهم نجد أن المجتمع الثقافي أقل تجانسًا مما يبدو عليه الأمر في واقع المقاربات النظرية، فالثقافة أقرب إلى مفهوم القانون الذي يحدِّد عملية التواصل بين الناس من كونها مجرد جملة من الاعتقادات والممارسات الاجتماعية تختلف بدورها أحيانًا على نحو جذري من وسط اجتماعي إلى آخر، ونظرًا إلى شيوع العولمة اليوم لم تعد الثقافات منعزلة بعضها عن بعض، بل هي إلى الصدام أقرب، وعلى ذلك تتولَّد عناصر ثقافية جديدة نتيجة التلاقح الفكري بين المجتمعات المختلفة، وتظهر بذلك ثقافات فرعية عن نسق الثقافة الشعبية العامة وأخرى مضادة، وقد ينشأ نتيجةً لذلك بعض التعسف الثقافي، الأمر الذي يحدث عندما يقوم بعضهم بجعل ثقافة ما معيارًا اجتماعيًّا لباقي الثقافات.
الفكرة من كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
يطوف بنا هذا الكتاب في دراسة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، وكيف تتشكَّل الشخصية الجمعية المميزة لكل جماعة عن غيرها، كما يلمس أهم المواضيع الاجتماعية المعاصرة كالثقافة والتنشئة الاجتماعية، والسلطة السياسية وما يتعلَّق بصناعة الرأي العام وكيف يتشكَّل، إلى غير ذلك من القضايا المهمة.
مؤلف كتاب الدروس الأولى في علم الاجتماع
فيليب ريتور: أستاذ وباحث بعدة جامعات ومعاهد فرنسية، له العديد من الكتب والدراسات في علم الاجتماع، لا سيما الكتب التي تُعرَف بفرع السوسيولوجيا، وعُرِف الكاتب أكثر بانشغاله حول سوسيولوجيا التواصل السياسي.
له كتابان: الدروس الأولى في علم الاجتماع، وسوسيولوجيا التواصل السياسي.