الثبات والقوَّة
الثبات والقوَّة
لقد كان أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) يتعرَّضون لشتَّى أنواع التعذيب، وكان النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) يتألَّّم لذلك وخشيَ أن يفقدوا الأمل، لذا حرص على تذكيرهم بأساليب التعذيب التي قد تعرَّض لها المسلمون السابقون من أتباع الأنبياء، وكان يحثُّهم على الثبات والقوَّة.
ولعلَّ قصة سحرة فرعون التي وردت في القرآن الكريم أكبر مثال لمعنى الثبات، فبعد أن كان السحرة يعرضون خدماتهم لفرعون من أجل المال والدنيا، أكرمهم الله بالثبات على الحق بعد أن علموا صدق موسى (عليه السلام)، وعلى الرغم من كلِّ التهديدات التي صدرت من فرعون ثبتوا على الإيمان والحق، وحفظ الله ذكرهم في كتابه الكريم كصورة للسمو الإنساني.
وقد كان رسولنا (صلَّى الله عليه وسلَّم) قدوة لنا في الثبات، لأنه تعرَّض للاتهام بالكذب وحورب من جميع الجهات، ولكنه بقي مثل الجبل الراسخ، وزرع هذه القوَّة في نفوس أصحابه من أصغرهم وحتى أكبرهم.
وقد كان النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم) يولي كل واحد منهم مهام محدَّدة حسب استطاعته، وقد قال (صلَّى الله عليه وسلَّم): “إذا أُسندَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”، وكانت كفاءة الشخص محلَّ نظر النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم)، فقد كان يراعي اختلاف الصحابة كغيرهم من البشر، فنحن منَّا القوي ومنَّا الذكي، وهناك من يستخدم عاطفته بشكل واضح، وهناك من يُحكِّم عقله، وهذه سنَّة كونية كان الرسول (صلَّى الله عليه وسلَّم) يراعيها في أصحابه.
فمثلًا كان أبا بكر (رضي الله عنه) بمثابة كبير المستشارين لرسول الله؛ لما يتميَّز به من رجاحة العقل والحكمة، كما أنه كان صديق الرسول ورفيقه في رحلته الشاقَّة، وكان عمر (رضي الله عنه) بمثابة المستشار الثاني للرسول، وقد تميَّز عمر أنه يميل إلى الشدَّة أكثر من اللين، كما أنه (صلَّى الله عليه وسلَّم) قد اختار عليًّا (كرَّم الله وجهه) وهو شاب للمهمَّة الفدائية لينام على فراشه ليلة الهجرة، فقد كان شجاعًا قويًّا، وهكذا كان يُسنِد النبي المهام إلى كلٍّ من صحابته بما يميِّزه.
الفكرة من كتاب مدرسة محمد (صلَّى الله عليه وسلَّم)
محمد (صلَّى الله عليه وسلَّم)، هو رسولنا وحبيبنا وشفيعنا، والذي مهما قرأنا عن مسيرته وحياته لن يتسنَّى لنا إدراك عِظم أخلاقه وحُسن مبادئه.
إن هذا الكتاب مليء بالطمأنينة، وكيف لا تطمئن يا صديقي ونحن نتحدَّث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
مؤلف كتاب مدرسة محمد (صلَّى الله عليه وسلَّم)
جهاد الترباني: كاتب وشاعر فلسطيني الجنسية، اهتم بالتاريخ الإسلامي وهو صاحب قصائد متنوعة تم إنشادها من عدة منشدين، وقدَّم برنامج “العظماء المائة” على اليوتيوب، وذكَرَ فيه بعض علماء المسلمين الذين غيَّروا تاريخ الأمَّة.
من مؤلفاته: “مائة من عظماء أمَّة الإسلام غيروا مجرى التاريخ”، و”مدرسة الصحابة رضي الله عنهم”، و”لغز آريوس”.