التوحيد والنظام الاقتصادي
التوحيد والنظام الاقتصادي
يتمايَز الإسلام بمنظوره للحياة عن كل الأديان الأخرى، فلا نكاد نجد ديانة سماوية ربطت نفسها بالسياسة والاقتصاد بشدة على النحو الذي فعله الإسلام، وبخاصةٍ وقد جاء في وقت انقسم فيه العالم القديم بين ديانات مغرقة في المادية وأخرى موغلة في الروحانية.
أوجد الإسلام تناغمًا وسطًا بين الروح والمادة، وغيَّر رؤية الإنسان عن الكون والطبيعة إلى أنها موارد يمكن التمتُّع بها والاستفادة منها لأداء مهمته التي خُلِق من أجلها، ويعزِّز هذه الرؤية مبدآن أساسيان، الأول: أخلاقية العمل على عمارة الأرض، والثاني: الإيمان باليوم الآخر يوم الحساب؛ فالعمل متاح فقط هنا والآن في الدنيا.
لم يعرف الوجود دينًا يحثُّ على العمل أكثر من الإسلام، بل والوصول إلى أقصى حد ممكن من الإنتاج شريطة أن يكون الإنتاج على أسس أخلاقية؛ فلا بد من أن يكون إنتاج الموارد الطبيعية بشكل مسؤول دون إسراف؛ حفاظًا على البيئة من جهة وحفظًا لحقوق الأجيال القادمة من جهة أخرى، وأن يكون الإنتاج بعيدًا عن الغشِّ والتغرير؛ لذلك أنشأ الإسلام نظام الحسبة لمراقبة الأسواق والبضائع، وأرسى الإسلام أيضًا قواعد في الاستهلاك تتفق ومنظوره الأخلاقي لعمارة الأرض، فمع إقراره بجواز التمتُّع في الدنيا نهانا عن الإسراف بغير حاجة.
تجاوز الإسلام مبدأ الصدقات التي يعطيها المقتدر إلى المحتاج بإرادته إلى فرض مبلغ معلوم يؤديه المقتدر سنويًّا إلى المحتاج، وأدرج فريضة الزكاة تلك ضمن الأسس الخمسة -والتي منها شهادة التوحيد أيضًا- التي لا يكون الإسلام إلا بها، وقرن بينها وبين الصلاة دائمًا في القرآن، وحارب الخليفة أبو بكر الصديق من فرَّق بين الصلاة والزكاة، وزكاة المال من معناها: تطهِّرُ المال عبر مشاركة الإنسان لهذا الرزق من الله مع غيره من الناس، فتكون الزكاة بذلك عبادة لله وأداة لتقوية النسيج الاجتماعي وقوة تغذِّي اقتصاد الأمة.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.