التوحيد والجمال
التوحيد والجمال
يمكننا بسهولة ملاحظة وحدة الفن الإسلامي في الغاية والشكل رغم التنوُّع الشديد في الموضوعات والأساليب والأدوات التي تناولها، ورغم الثقافات المختلفة التي انتشر فيها الإسلام، فكل الفنون الإسلامية لجأت إلى القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر العربي لترسمه بالخط العربي، وتجنَّبت محاكاة الطبيعة والوصف التشخيصي والتجسيم، ولجأت إلى التنميط واللامحدودية، وقد فنَّد الكاتب الآراء التي تبنَّاها المستشرقون حول الفن الإسلامي وعرقلته للاتجاهات الفنية وانحصار إضافته في الخط العربي فقط! ويرى أن هؤلاء المستشرقين نظروا إلى الفن الإسلامي بنظَّارة غربية فلم يستطيعوا إدراك الأثر الجمالي الكبير الذي أحدثه الإسلام في الفنون، حتى الفنون التي عدَّها آثمة.
يفصل التوحيد بين الخالق المتعالي وباقي المخلوقات، ويقرِّر أن المخلوق لا يمكن أبدًا أن يصير إلهًا بأي شكل، ومن ثَمَّ يستحيل أن يكون في الخليقة شيء شبيه بالله أو رمز له، ولمَّا كان الله (عز وجل) هو الجمال المطلق حسب منطق التوحيد؛ اقتنع الفنان المسلم ألَّا شيء في الطبيعة يمكنه التعبير عن الله من ناحية فنية، ومن هنا لجأ الفنان المسلم إلى التنميط فباعد بين الشيء الطبيعي الذي اتخذه مادة للعمل الفني وبين خصائصه الطبيعية، لذلك كان معظم ما أنتجه المسلمون من فنون أقرب إلى التجريدية، واخترع الفنان المسلم فنَّ الأرابيسك الذي يعتمد على التصميم غير التجسيدي لينقل الشكل الطبيعي المُزَيَّن إلى نموذج يعبر عن اللامحدود.
يقع الخط العربي في القلب من الفنون الإسلامية، فقد بلغ استحواذ الألوهية المتعالية على وعي المسلم إلى حد رغبته أن تتبدَّى تجلياتها حيثما حلَّ، فطوَّع الفنان المسلم الكلمةَ العربيةَ من أجل التعبير عن دلالات جمالية، بل طوَّع الحروف نفسها فصار بإمكانه التطويل أو التقصير؛ أن يبسط الحرف أو يثنيه، وغير ذلك من الجماليات التي تعطي آفاقًا أوسع للتعبير عن الفكرة المركزية للتعالي.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.