التوحيد أساس التغيير ومحرِّك للتاريخ
التوحيد أساس التغيير ومحرِّك للتاريخ
إن التوحيد يدفع الإنسان دفعًا نحو العمل والتغيير ويبعده عن الانعزال والاستسلام للواقع، ويلزمه بأخلاقية يتحدَّد في ظلها هل يستحقُّ أن يُوصَف أي عمل بالنجاح من عدمه، والحديث عن الدنيا في القرآن الكريم على الدوام أنها ساحة اختبار يجب أن يؤدِّي فيها المسلم مهمَّته التي خُلِق من أجلها، وأن الفلاح لا يكون في غير التسابق في الخيرات وعمل الصالحات التي تضيف إلى الوجود “قيمةً” ما؛ حتى إن كانت قيمة مادية متمثِّلة في الطعام مثلًا، فتلك هي وظيفة الدين ذاته.
يقدِّم التوحيد بالمفهوم الإسلامي تصوُّرًا يختلف عن كل الأديان والفلسفات فيما يخصُّ التاريخ والواقع على حدٍّ سواء، فالمسيحية ترى عدم إمكانية إنجاز أي تغيير في الحياة الدنيا وتدعو أتباعها إلى عدم الإخلاد إلى الأرض وانتظار الخلاص، وترى التاريخ غير ضروري، بل وتراه شريرًا، في حين ترى الشيوعية أن التاريخ بحد ذاته هو المطلق.
بين هذا وذاك يقدِّم الإسلام لأتباعه نموذجًا يحفزهم على العمل، فالتاريخ هو مسرح الأحداث الذي سيشهد إنجازاته وإخفاقاته، والدنيا دار اختباره ومزرعته للآخرة، والمسلم الحق هو الذي يتدخَّل في سياق الزمان والمكان؛ مُعدِّلًا ومحسِّنًا وساعيًا إلى الأفضل، ولا معنى لأيٍّ مما يفعله المسلم ما لم ينتج عنه ارتقاءٌ بهذا العالم وإضفاء القيمة عليه.
ما الذي أخرج العرب من باديتهم قاطعين البر والبحر إلى بلاد لم يعرفوها يومًا؟ إنها قيم التوحيد التي تشرَّبها صحابة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والتي فهموا منها أن رسالة الإسلام عالمية لا بد أن يتحمَّل أمانتها المسلمون يؤدُّون رسالتهم على أكمل وجه، الرسالة التي أسَّسَت لنظام حكم عادل عاش في ظله البشرُ من كل الأديان والأعراق، وأقامت حضارة عريقة استمرت لقرون طويلة تشير إلى المنبع الذي بدأ كل ذلك منه: أنت مسلمٌ فعليك العمل وتغيير التاريخ.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.