التواصل وفق شروط المستمع
التواصل وفق شروط المستمع
إن أحد أهم أسباب سلامة التواصل أن يحدث التواصل وفق شروط المتلقي (المستمع) وليس وفق شروطك أنت (المتكلم)! لأن كل عبارة تدلي بها لشخص ما، يفلترها هذا الشخص (المتلقي) من خلال الأطر المرجعية والتحيزات والأفكار المسبقة، باختصار شديد ينقحها من خلال مزيج من الوراثة والبيئة المحيطة التي ترعرع فيها، ومن ثمَّ فإن هذه الأمور وغيرها من الأسباب المختلفة والمتعددة يمكنها تغيير المفهوم الذي تريد إيصاله إلي المتلقي، إذ تصل بطريقة مختلفة تمامًا عمّا كنت تقصده!
وبناءً على ذلك يجب أن تدرك وتعلم أنك لا تملك سوى قليل من السيطرة على ما يفهمه مستمعك، وهذه إحدى صعوبات التواصل، إذ لا يمكنك ببساطة تغيير تصرف المستمع وتفكيره، خصوصًا وأن معظم الناس حساسين للغاية للطريقة التي يريدون أن يعاملوا بها، ومن ثمَّ فإنه من خلال التكيف وضبط نفسك مع الطريقة التي يريد الأشخاص الآخرون أن يتم التعامل معهم بها، تصبح أكثر فاعلية في تواصلك معهم، ويعد هذا الأمر في غاية الأهمية، لأنك تساعد الآخرين على إنشاء مساحة آمنة للتواصل وفقًا لشروطهم.
ومن ثم لا بد أن نكون أكثر مرونة حتى نتمكن من تغيير أسلوب التواصل لدينا، وتعديله عندما نتحدث إلى أشخاص مختلفين عنّا، لأننا لو وضعنا أنفسنا في قالب واحد فقط للتواصل، سنظل نواجه أشخاص يتصرفون بشكل مختلف، ما يعني عدم إمكانية تأسيس طريقة تواصل بناء على تفضيلاتنا فقط، إذ إن المرونة والقدرة على تفسير احتياجات الآخرين هما ما يميزا التواصل الجيد.
في عالم مثالي غير واقعي ستقول إن لدي شخصية معينة وهذا ما أتصرف به، إلا أن هذا الأمر ينفع في حالتين فقط: الأولى عندما تكون وحيدًا في الغرفة الخاصة بك، حينها لا يهم ماذا تفعل أو كيف تتحدث، إذ لن يتأثر أحد ولن يتأذى من تصرفك، والثانية أن يكون جميع من في الغرفة نسخة طبق الأصل منكَ، حينها سيكون التواصل جميلًا وسهلًا! لكن إذا لم تكن وحيدًا في الغرفة، أو لم يكن جميع من تتواصل معهم مثلك تمامًا، وهذا ما يحدث بالفعل، إذ إن معظم الذين سوف تقابلهم في حياتك ليسوا مثلك، فيجب عليك حينئذ أن تفهم كيف ينظر الآخرون إليك وكيف يتصرفون ويفكرون، وبغض النظر عن مدى الغرابة التي يمكن أن يبدو بها أي سلوك تواجهه، فإنه من الناحية النظرية كل أنواع السلوك طبيعية، إذ يمكن التنبؤ بها نسبيًّا.
الفكرة من كتاب محاط بالحمقى.. الأنماط الأربعة للسلوك البشري
عندما يتواصل الإنسان مع الآخرين يجد نفسه متوافقًا مع بعض الأشخاص، إذ يجد الحديث معهم سهلًا والكلمات المناسبة تتدفق بشكل طبيعي وفي سلاسة، ولا توجد أي صراعات أو نزاعات، بينما يجد عند تواصله مع آخرين أن التواصل صعب، وكل شيء يسير بشكل خاطئ، كأن ما يقوله يقع على آذان صمّاء، فيبدأ بناءً على ذلك في تصنيف الناس إلى نوعين: أناس جيدين وعاقلين، وأناس آخرين حمقى! وهذا تصنيف مغلوط، راجع إلى أننا نقارن الأشخاص بأنفسنا، فنحن نعرّف الأحمق بأنه الشخص الذي لا يتصرف أو يفكر مثلنا، ونعرّف الشخص الكثير الكلام بأنه ثرثار متكبر، لأننا لا نحب كثرة الحديث، وهكذا فإننا نطلق أوصافًا كالغباء والوقاحة على الآخرين لمجرد أنهم لا يشبهوننا، ومن هذا المنطلق يبين لنا الكاتب لماذا يعتقد بعض الناس أنهم محاطون بالحمقى لوصف الاختلافات في التواصل الإنساني، ويوضح الأنماط الأربعة الأساسية للسلوك البشري التي تسهّل علينا التواصل مع الآخرين في الحياة والمجتمع عمومًا، وفي العمل خصوصًا، حتى نصبح ماهرين في التعامل مع أنواع مختلفة من الناس، فلا نحكم عليهم لمجرد أنهم ليسوا مثلنا.
مؤلف كتاب محاط بالحمقى.. الأنماط الأربعة للسلوك البشري
توماس إريكسون ، هو مؤلف ومحاضر، كرّس 20 عامًا من حياته المهنية لمساعدة الناس على التواصل مع بعضهم بعضًا، وعلى التطور المهني، ومن كتبه:
محاط بالحمقى.
محاط بالمرضى النفسيين.
معلومات عن المترجم:
عمر فتحي، هو مترجم لعدد من الكتب.