التوازن
إن الراحة والعمل متجاوران في حياة المبدعين من الموسيقيين والرياضيين والكتاب والمصممين، فهم يوازنون بين العمل المكثف الجاد في يومهم، وأوقات طويلة من الراحة والاسترخاء، وكان من المبدعين من يمكننا اعتبارهم من مدمني العمل في شبابهم، ثم أدركوا مع الوقت أهمية تعديل نظام حياتهم لإعطاء مساحة للراحة، وكما ذكرنا سابقًا ليس مقصود بالراحة مجرد الاستلقاء بلا حراك لتمضية الوقت بلا عمل، بل هي شاملة لكثير من الأنشطة وتتنوع أشكالها وفوائدها، فيوجد من تكون راحته في ممارسة التمارين الرياضية الشاقة، أو أعمال الزراعة، أو التأمل،
وقد يكون النوم من أفضل وسائل الراحة، فبرغم كونه -في الظاهر- نشاطًا سلبيًّا، فإنه يصفي الذهن ويعيد ترتيب الذكريات والأحداث اليومية، ويخفف التوتر عن طريق الأحلام، وكثير من المبدعين يؤدون مهامهم بعد الاستيقاظ مبكرًا عندما تكون أذهانهم صافية دون التشتيت والإلهاء الذي يزداد تدريجيًّا على مدار اليوم.
إن عالم اليوم محكوم بكثير من الأفكار حول النجاح السريع، الذي يَفترِض أننا إن لم نكن أثرياء قبل سن الثلاثين، وقبل أن نغدو غير قادرين على العمل لمئات الساعات أسبوعيًّا، فسنكون- بمعيار مبادئ وادي السيليكون- قد فشلنا، وإذا اعتمدنا تلك الطريقة نموذجًا إرشاديًّا للأغلبية، فإن تطبيقها سوف يسبب الإجهاد والإحباط، فالناس في الحياة العادية لا يركضون وراء الزمن ليصبحوا عظماء، وإنما يرجون -بتنظيم أوقات راحتهم وعملهم- أن ينجزوا مهامهم بكفاءة، مع بقاء أوقات راحة حقيقية لهم.
الفكرة من كتاب استرح: لماذا تنجز المزيد عندما تعمل أقل
غالبًا ما تُحدثنا الكتب عن المبدعين والعظماء وطريقتهم في العمل الدؤوب وتنظيم أوقاتهم، ولكن لا تتطرق تلك الكتب إلى دور الراحة في ما حققه هؤلاء من إنجازات وتاريخ، وإن ذكرت الراحة فيُشار إليها على أنها أمر زائد على الحاجة ورفاهية غير لازمة، ولهذا فكثيرون منا يهتمون بالعمل وكيفية تحسينه، دون البحث عن طرائق لتحسين تعاملهم مع أوقات الراحة، ولأننا ندرك أهمية العمل سيكون من الضروري أن نعرف تأثير أوقات الراحة الصحيحة في تطورنا في عملنا وحياتنا على المدى البعيد.
هدف الكاتب أن يساعدنا بهذا الكتاب على منح الراحة مكانتها التي تستحقها بجانب قيمة العمل، ويقدم طرائق عملية لأنواع مختلفة من الراحة مأخوذة من أنماط حياة الشخصيات التاريخية الأكثر إنجازًا وإبداعًا وانضباطًا في حياتهم، والذين ساعد اهتمامهم بالحصول على أوقات للراحة على عيش حياة أكثر رضًا ونجاحًا وإنتاجية، ومهما ذكر من فوائد على المدى القصير للعمل المفرط والتقليل من الحصول على الإجازات، فلن يساوي تأثيراته السلبية، كقصر عمر الحياة المهنية للشخص، وزيادة التشاؤم والقلق ونقص الرغبة في المبادرة الشخصية.
إننا عندما نحصل على حقنا في الراحة لا نكون أصحاء هادئين فقط، بل نكون أكثر إبداعًا وإنتاجية ونعيش حياة مشبعة.
مؤلف كتاب استرح: لماذا تنجز المزيد عندما تعمل أقل
أليكس سوجونج – كيم بانج: مؤسس شركة ريستفول، وأستاذ زائر في جامعة ستانفورد ويعمل مستشارًا في وادي السيليكون، تنشر مؤلفاته في بعض المجلات مثل ساينتفيك أمريكان، وذا أتلانتك، وسلات، وويرد، وأمريكان سكولار.
ومن مؤلفاته المنشورة:
The Distraction Addiction: Getting the information You Need And The communication You Want, Without Enraging Your Family, Annoying Your colleagues, and Destroying Your Soul.
Empire and the Sun: Victorian Solar Eclipse Expeditions.