التوازن
التوازن
يرى البعض أن نظرة أفراد المجتمع تجاه ثقافة الاستهلاك تتعلق بالنزعة الأخلاقية لدى هؤلاء الأفراد، بينما يرى البعض الآخر عدم وجود دور للأخلاق في مثل هذه القضايا التي تتعلق بشكل رئيس بالاقتصاد.
فنحن بين نظرة تدعو للتقشف والتخلي عن وسائل الراحة إذا توافرت النزعة الأخلاقية، ونظرة أخرى تدعو للسعي وراء المتعة والاستهلاك باعتباره القيمة العليا لحياة الانسان، ونظرة أخرى تحلق بينهما فتدعو للاستهلاك لكن بدعوى يبدو عليها الحس الأخلاقي، كإظهار الاستهلاك في صورة شكر لنعم الإله، أو رفض التقشف بدعوى أن الحياة ستفسد والاقتصاد سينهار إذا زهد أفراد المجتمع.
وبين هذه الأفكار تنحصر اهتمامات معظم أفراد المجتمع والأهداف التي يحيون من أجلها في أشياء مادية تقع داخل حيز دائرة الاستهلاك، وعندما يسألون حول الإيمان بإله يجيبون بأنهم يؤمنون بوجود إله ورغم ذلك لا ينتبهون لكونهم يدينون بالعبودية لثقافة الاستهلاك في الحقيقة .
ورغم أننا جميعًا في الحقيقة نستهلك بشكل أو بآخر، فإن لكل شخص فلسفة هي التي تحكم أفعاله، وكلما كانت هذه الفلسفة قوية كان الشخص قادرًا على الحكم على الأشياء بطريقة صحيحة، حتى ينتهي به الحال بالتعبير عن خياراته الداخلية دون غلبة التأثر بما هو في الخارج، وهذه الفلسفة في الحقيقة إن وجدت فهي التي تقدر على خلق حافز يستطيع من خلاله الشخص مواجهة هذه الثقافة الاستهلاكية التي تلاحقه في كل وقت ومكان.
الفكرة من كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
أن تملك أو لا تملك هو جوهر النزعة الاستهلاكية في أمريكا ومحرك الرأسمالية الغربية، إذ يعتمد 90% من قوة العمل الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر على الأعمال التجارية التي تنتج السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يشكل معظم دخل البلاد والعمل بداخلها.
تصاحب هذه الثقافة الاستهلاكية حالة من عدم السعادة، نتيجة التطلع لما هو غير موجود، فنرى أشياء لم تكن للبيع من قبل صارت تباع، مع قلة في الأعمال الجادة، وتعزيز لنظام الفوارق بين الطبقات، وبيع ما يجلب المال بدلًا من بيع ما يحتوي قيمة حقيقية، واستهلاك دائم للطبيعة وسعي للتفوق عليها.
فما طبيعة هذه الثقافة الاستهلاكية؟ وما أسباب شيوعها؟ وما مدى تأثيرها في جوانب الحياة المختلفة؟ وهل يمكن التغلب عليها أم إنها أصبحت واقعًا لا مفر منه؟ يحاول الكتاب الإجابة عن هذه التساؤلات في مجموعة من المقالات لعدد من الكتاب تتضمن رؤية وتحليلًا لجوانب مختلفة في المجتمع تتعلق بهذه الثقافة الاستهلاكية.
مؤلف كتاب ثقافة الاستهلاك: الاستهلاك والحضارة والسعي وراء السعادة
روجر روزنبلات: أستاذ اللغة الإنجليزية والكتابة المتميز في جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك / ساوثهامبتون، حصل على درجة الدكتوراه في الكتابة الإبداعية من جامعة هارفارد، له مؤلفات ومسرحيات عدة، منها مسرحية “فري سبيس في أمريكا” التي صنفت واحدة من أفضل عشر مسرحيات لعام 1991 في التايمز.
معلومات عن المترجم:
ليلى عبد الرازق، أستاذة اللغة الإنجليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، ترجمت العديد من الكتب العربية إلى اللغة الإنجليزية، من ضمنها كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان.