التهديد الحقيقي يمر عبر المنصات الرقمية
التهديد الحقيقي يمر عبر المنصات الرقمية
التهديد الحقيقي للبشر هو القمع السياسي للتكنولوجيا والاستغلال، بسبب هيمنة عمالقة الشركات على السوق العالمية، وضغطهم باستمرار لخفض التكاليف وتعظيم الربح، فيلجؤون إلى استخدام الأتمتة ورقةً اقتصادية وسياسية، يُقمع بها العمال ويرضَون بالاستغلال دون مقاومةٍ خوفَ استبدال الآلات بهم، حتى لو كانت الآلات في الحقيقة لا يمكنها ذلك، أي لا توجد عملية أتمتة كاملة كما يُشاع.
وللوصول إلى عصر سيطرة الروبوت كان يجب أن يتحول العالم إلى منصات رقمية، أي بنية تحتية تسمح للمستخدمين والمنتجين بالمشاركة في إنتاج كَمٍّ هائل من البيانات الرقمية، وهي القيمة الحقيقية للمنصات الرقمية، ثم استخدام الخوارزميات لإجراء عدة عمليات لتعظيم وتنظيم تلك القيمة، والاستفادة منها اقتصاديًّا دون اعتبار المشاركين في المنصة عمالًا، حتى لو كانت المنصة لمهام العمل الصغيرة والأعمال الحرة، فهي تستأثر بالجانب الأكبر من المال والقيمة، مستغلة المستخدمين تحت غطاء مصطلحات كالحرية والاستقلالية من الوظيفة التقليدية.
وبرغم ادعاء المنصات الرقمية حيادها وتعريفها بصفتها وسطًا لا وسيطًا، رغبة في إعفاء نفسها من المسؤولية وإطار قوانين العمل، فإنها نتاج بنية سياسية خصبة منتجة، لها آثارها في الأفراد والعالم، وتعد شركاتها المالكة مساهمًا رئيسًا في تهميش العمل البشري، بإيكال المهام الرقمية لجموع غفيرة من العمال الرقميين في البلاد الفقيرة، بدلًا من تعيين موظفين تحت رعايتهم ومسؤولياتهم.
ولأن الشركات تعرف أن قيمتها الحقيقية تكمن في البيانات المُولدة داخل منصاتها، فهي تشجع إنتاج المحتوى المستمر بشتى الطرائق، وتحفز الأفراد عاطفيًّا على التفاعل والتعليق والمشاركة لضمان استمرار تدفق البيانات التي ستساهم في خلق آلات أكثر كفاءة.
الفكرة من كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
يعمل سيمون في شركة بمدغشقر، تعرض هذه الشركة على المشاهير توفير الخدمات والمنتجات الترفيهية اعتمادًا على تقنية الذكاء الاصطناعي، ولكن في الحقيقة، من يقوم بالعمل هو سيمون وجموع غفيرة في عديد من الدول الفقيرة، ما يعني أن الذكاء الاصطناعي الحقيقي مجرد ستارة تخفي تحتها عاملين رقميين!
سنحاول كشف الغطاء عن الدور البشري في التطور التكنولوجي للآلات عبر ما يسمى بالعمل الرقمي، لنجيب عن أسئلة مهمة مثل: هل سنصل يومًا إلى ما يسمى بالأتمتة الكاملة؟ وهل ستجعلنا الروبوتات نعيش في عالم بلا وظائف؟ وما علاقاتها بالعمل الرقمي؟ وما مشكلاته؟ وكيف تستغله المنصات الكبرى؟ وما الذي يمكن للعمال فعله لتحسين ظروفهم؟
مؤلف كتاب في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي
أنطونيو كازيللي: أستاذ علم الاجتماع الإيطالي الفرنسي، ولد في فبراير عام 1972م بإيطاليا، وحصل على الدكتوراه في عام 2006م من جامعة مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بفرنسا، وعمل منسق سيمينار دراسة الثقافات الرقمية منذ عام 2007م، حاز كتابه “في انتظار الروبوت.. الأيدي الخفية وراء العمل الرقمي” جائزتين، الكتابة الاجتماعية والجائزة الكبرى للحماية الاجتماعية، وله كتاب آخر بعنوان:
الروابط الرقمية.
معلومات عن المترجمة:
مها قابيل: مترجمة مصرية متخصصة في العلوم، من أعمالها الترجمية:
البيولوجيا: تاريخ وفلسفة.
الاستنساخ البشري.