التنشئة الإيمانية
التنشئة الإيمانية
كما اهتم الإسلام ببناء الطفلة إيمانيًّا؛ كذلك كلَّف الوالدين بمهمة تنشئة المُراهِقة على الإسلام وعلى حب الله ورسوله، وفي هذه المرحلة عدَّة خصال يمكن توجيهها وتوظيفها بشكل سليم لتتوافق مع التنشئة العقدية والوجدانية السليمة، ففي الغالب تكون الفتاة مليئة بالعاطفة، صاحبة روح شفافة صافية، يملؤها الحماس لتجربة الأشياء.
ومن هذه الخصال يمكن للوالدين مساعدتها على التزكية الروحية، فيجلسان مع ابنتهما للحديث عن أمور الإيمان، ويوضحان لها أن الذنوب والسيئات هي أمراض الروح تمامًا كأمراض الجسد، فكما أننا نحرص على الابتعاد عن أمراض الجسد ونأخذ العلاج لنتعافى منها، كذلك أمراض الروح؛ لا بد لنا من التوبة المستمرة والتزكية بالقرآن ومجالس الذكر والعمل الصالح.
أما شعور الحماس عند المُراهِقة فيمكن توجيهه إلى معنى الجهاد وترسيخ معنى العزيمة والمصابرة، فالجهاد يكون بالمال وبالدعوة إلى الله وغيرها من الصور المختلفة، فيذكران لها قصص الصحابيَّات اللاتي وقفن مع المجاهدين في المعارك، فكُنَّ يداوين الجرحى ويسقين العطشى، والأهم من ذلك بيان دورها في بث الروح المعنوية العالية في نفوس الرجال -زوجها وأولادها- فهي إن جاهدت نفسها وزكَّت نفسها إيمانيًّا تستطيع أن تغيِّر الأجيال وتُعيد إلى الرجال قوَّتهم وشجاعتهم.
ومن الأمور المهمَّة التي يجب على الوالدين مراعاتها؛ هو متابعة ابنتهما في الأمور العقدية المهمة كمسائل القضاء والقدر وصدق الوحي، وأن جوهر الإسلام في معنى الاستسلام لله (عز وجل)، وذلك يكون بالنقاش والتكرار في جوٍّ مليء بالعاطفة الصادقة والحب الأسري.
ويبدأ الوالدان في تعريف ابنتهما لمعنى تحمُّل المسؤولية، وذلك بأن يُبيِّنا لها أن بداية المسؤولية هو حفظها للضرورات الخمس التي حفظتها الشريعة، فيُبينان لها كيف أن العالم مليء بالأفكار والأفعال التي تُفسد تلك الضرورات، ولن ننجو معًا إلا بالاستعانة بالله دومًا، ثم مقاومة كل الأفكار والأفعال الفاسدة.
الفكرة من كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
قد يختلط على كثير من الآباء والأمهات التعامل مع أبنائهم عند بلوغهم سن المراهقة، وذلك لأنهم اعتادوا شخصية أبنائهم في مرحلة الطفولة، إلا أن مرحلة المراهقة يبدأ الإنسان فيها بالشعور بمشاعر مختلفة ويمر جسده بمراحل جديدة تجعله في حالة مختلفة تمامًا عن طفولته، لذا كانت مرحلة المُراهقة من المراحل المهمة التي يجب على الوالدين إدراك طبيعتها ليُكونا خير عونٍ لأبنائهما.
وكما قدَّمت لنا الكاتبة في الجزء الأول حق الابنة كطفلة، تقدِّم لنا في كتابنا هذا كيف للوالدين الاعتناء بابنتهما في مرحلة مراهقتها، لنُدرك معًا كيف يمكن توجيه هذه المرحلة لتكون ولادة ثانية ولكن في القيم والأخلاق والعادات والتقاليد.
مؤلف كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
الدكتورة حنان عطيَّة الطوري الجهني: سعودية الجنسيَّة، بروفيسور أصول التربية بجامعة الأميرة نورة بالرياض، حاصلة على درجة بكالوريوس دراسات إسلامية، ودرجة الدكتوراه بأصول التربية، كما أنها تشغل زميل أكاديمية التعليم العالي ببريطانيا.
من مؤلفاتها:
الفكر التربوي: مدارسه واتجاهات تطوره.
القيم الجمالية وتنميتها بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي (منظور تربوي).