التنافس مع الآلات
التنافس مع الآلات
يلقي بعض الاقتصاديين اللوم على العمال الذين يرفضون بيع قوة عملهم مقابل سعر زهيد، وينكرون كذلك وجود مصطلح البطالة، لأنه عند تقليل أجور العاملين سيساعد ذلك على توظيف عمال أكثر.
ولكن في الوقت نفسه يود أصحاب المشاريع لو يستبدلون جيشًا من الآلآتِ والروبوتاتِ بجميع العاملين؛ لكي لا يضطروا لدفع رواتب لهم.
وقد شبه الكاتب هذه الظاهرة بقصة إيكارويس، عندما أساء استخدام الجناحين اللذين صنعهما أبوه من الشمع والريش، لكي يهربا من متاهة الملك، مُتجاهلًا نُصح والده بأن يحلق على ارتفاع متوسط، ولا يرتفع عاليًا حتى لا تذيب أشعة الشمس الشمع، فيتفكك الريش، ويسقط في البحر.
فمجتمعات السوق تتعرض لمفارقة مشابهة.. فبدأ يزداد اعتماداها على الآلات بشكل تدريجي كما في بداية تحليق إيكاروس، ومن ثم تستبدل قوة عمل البشر كليًا، وتعتمد كل الاعتماد على الآلات التي لا تحتاج إلى رواتب، وأقل في التكاليف.
ومع التنافس الشديد بين أصحاب المشاريع، وعدم حاجة الآلآت إلى إنفاق الأموال على المنتجات، أدى ذلك إلى انخفاض الأسعار بمعدل كبير في السوق دون تغطية تكاليف المشروع، مما يضع أصحاب المشاريع المقترضين مالًا في مأزق، لأنهم كانوا يعتمدون على الأرباح التي باتت أقل بسبب المناقصة بين تكلفة المشروع والسعر في سداد فائدة دينه، مما يضع البنوك بدورها في مأزق وتعم حالة من الركود، ويبدأ مجتمع السوق في الانهيار والاقتراب من الشمس.
وفي كل الأحوال نظل بين مشكلتين، إما وجود مصانع تحتكر العمال بأجور قليلة، وإما وجود مصانع تستغني عنهم تمامًا، وتستخدم الآلآت فقط.
وتظل عندنا مخاوف أخرى من التنامي السريع لتطور الآلآت، لدرجة عدم قدرتنا على تمييز الآلآت من البشر، أو أن تخلق التكنولوجيا بشرًا مستنسخين، ويتحول الواقع إلى حالة تشبه فيلم The Matrix.
ولكن ما الحل؟ هل يحطم العمال الآلات؟ أم نوقف الابتكار التكنولوجي؟
يكمن الحل في إضفاء طابع ديموقراطي على التكنولوجيا، بتخصيص جزء من آلآت كل شركة لتصبح ملكية عامة، وتشارك نسبة مئوية من الأرباح بين الجميع.
الفكرة من كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
هل يُمكنك أن تشرح الاقتصاد لطفلة لم تتجاوز التاسعة؟ وكيف يُمكن أن تشرح لها؟ هذا ما فعله كاتبنا مع ابنته الصغيرة، من شرح بعض المفاهيم الاقتصادية، والإجابة عن بعض الأسئلة مثل: “لماذا كل هذا القدر من اللا مساواة بين الشعوب؟”، و”كيف تكون مجتمعات السوق مثل إيكاروس؟”، و”لماذا لم يغزُ السكان الأصليون في أستراليا بريطانيا؟”، و”كيف تعمل البنوك؟”، في شكلٍ قصصي، ورَبطِها بأساطير مشهورة، مُبتعدًا عن المصطلحات الأكاديمية مثل مصطلح “الرأسمالية” الذي استبدل به مصطلح “مجتمع السوق” لتبسيط الأمر.
مؤلف كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
يانيس فاروفاكيس: اقتصادي وسياسي يوناني-أسترالي، وأكاديمي سابق في العلوم الاقتصادية، شغل منصب وزير مالية اليونان، وكُلِف بإدارة أزمة الديون للحكومية اليونانية.
له مؤلفات وكتب عدة عن الاقتصاد وأثره في السياسة، منها:
المينوتور العالمي – أمريكا وأوروبا ومستقبل الاقتصاد العالمي
-And The Weak Suffer What They Must?: Europe, Austerity and the Threat to
Global Stability
-Adults in the Room: My Battle with the European and American Deep Establishment
معلومات عن المُترجم:
عماد شيحة: سوري الجنسية، مترجم وروائي، ترجم العديد من الكُتب مثل: “تاريخ الشك”، “منطق الكتابة و تنظيم المجتمع”، وألَّف رواية: “بقايا من زمن بابل”، و”غبار الطلع”.