التمحيص
لهذا السبب نحتاج إلى الكشف عن صحة المعلومات، وهذا هو الهدف من الخطوتين السابعة والثامنة، فالخطوة السابعة تهدف إلى البحث وراء الأشخاص والمؤسسات التي نتلقى منها المعلومات، فإذا تلقينا معلومة من الإنترنت عبر موقع خاص بمؤسسة ما، لا بد أن نبحث عن مؤسسها، وعن آرائه، وهل تؤثر في صحة ما يقوم بنشره، لكن إذا كان البحث غرضه معرفة تقييم كتاب، رحلة أو طبيب ما، وسيكون مصدرها التعليقات والآراء، فينبغي هنا أن نحذر من التعليقات والحسابات المزيفة، حيث بدأت شركات تسعى لدفع الأموال لأشخاص ليقوموا بعمل تقييمات إيجابية، أو بدأت في استخدام الروبوتات التي تظهر لنا كأشخاص تدعم هذه المؤسسة، هنا ينبغي أن ننظر إلى التعليق ونتساءل إذا كان يبدو صادرًا من شخص حقيقي أم يشبه الإعلانات والعديد من التعليقات الأخرى، ونحاول التواصل مع أصحاب التعليقات والمدونات عبر وسائل أخرى كالاتصال الهاتفي، ونتأكد من إذا كان الشخص شهد التجربة فعلًا أم أنه قام ببناء رأيه بناءً على تجارب الآخرين، وفي النهاية إذا لم نتمكَّن من كشف الحقيقة يمكننا اللجوء إلى الجمهور، لنسألهم إذا كانت المعلومات التي يتم نشرها صحيحة وما هو مصدرها.
وفي الخطوة الثامنة سوف نبحث خلف المعلومات نفسها، فإذا قُدِّمت لنا معلومات في شكل أرقام، يجب أن نقوم بتحليلها لنتفادى الخداع، فإذا ذُكر أن هناك عاملًا كفيلًا أن يزيد من نسبة الإصابة بالسرطان، علينا أن نبحث عن مصدر هذه المعلومة، وهل تم دراستها على أشخاص في نفس فئتنا العمرية والجنس ولديهم نفس العوامل الوراثية والبيئية، وما نسبة الإصابة في حالة غياب هذا العامل، وإذا كان الرقم الذي أمامنا يُمثل معدل نفقات سنوية، بتقسيم هذا الرقم الضخم على عدد الأشخاص وحساب نفقة اليوم الواحد هل سيبدو مُبالغًا فيه كما يظهر في البداية أم سيصبح منطقيًّا؟ وعند النظر إلى رسم بياني يوجد فيه معدل هبوط وصعود ملحوظ، ننظر إلى محور (ص) ونتخيل إذا بدأ من الصفر هل سيبدو بنفس الشكل؟ وفي حالة الاستبيان نتأكد أن جميع المعنيين شاركوا فيه وتم طرح الأسئلة الصحيحة.
الفكرة من كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
عشرة آلاف قرار يتم اتخاذها يوميًّا، بعض هذه القرارات تتعلَّق بأمور بسيطة كالطعام، والبعض الآخر يتعلَّق بأمور مصيرية مثل الصحة والمال والعمل، وهناك قرارات أخرى قد تؤثر في أشخاص آخرين مثل الوالدين، أو الأبناء، أو الذين يعملون تحت إشرافنا، أو من نتحمل مسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عنهم، وفي حالة إساءة اتخاذ قرارات متعلِّقة بأمور مصيرية تخصُّ حياتنا أو حياة الآخرين، تُصبح العواقب وخيمة، وتأثيرها قد يدوم لشهور أو لسنين تالية، وبالتغيُّر السريع الذي نشهده في عالمنا، أصبحت عملية اتخاذ القرارات تُمثِّل لنا تحدِّيًا كبيرًا، لكن باستخدام الخطوات العشر التي ذُكرت في هذا الكتاب سوف نتمكَّن من اتخاذ القرارات المصيرية بشكل أفضل.
مؤلف كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
نورينا هيرتز: مؤلِّفة، ومُذيعة، وأستاذة جامعية وخبيرة اقتصادية، ولدت في عام 1967 بمدينة لندن، بإنجلترا، وحصلت على درجة البكالوريوس في الفلسفة والاقتصاد من كلية لندن الجامعية، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من مدرسة وارتون، بفيلادلفيا، ثم على درجة الدكتوراه في الاقتصاد والأعمال من كينجز كوليدج، بكامبريدج، ولها عدَّة مؤلفات منها:
The Debt Threat: How Debt Is Destroying the Developing World
The Silent Takeover