التلفزيون والأطفال
التلفزيون والأطفال
يُولد الطفل في بيت يشبه جميع البيوت الأخرى وأول أركانه غرفة مُخصصة للتلفزيون، هذه الغرفة يحدث فيها كل الأحداث اليومية من وجبة الإفطار حتى يشعر بالنوم فيذهب إلى غرفته، فيعتاد الطفل بالتتابع أن هذا الجهاز هو شيء أساسي في حياته، فالتلفزيون هو جهاز مناسب للجميع، وأصبح أحد أركان البيت الأساسية الواجب وجودها، والمُعتاد تجمُّع العائلة حوله أثناء الطعام، حتى خلال الأحاديث المتبادلة في المناسبات، ومن الممكن أن تأخذ قيلولتك أمامه، فليس هناك فرد في المجتمع لم يتأثر به، فهو جهاز يعرض كل شيء مجانًا وبإتاحته للجميع وهو مُغرٍ بشدة، ولا يحدِّد جنسًا أو لونًا أو عُمرًا للمشاهدة، ولا يفرض شروطًا في النهاية، لذا فهو متاح دائمًا للجميع.
هناك فكرة خاطئة للأسف اتفق عليها المجتمع؛ أن التلفزيون هو مصدر للمعرفة أساسي تعرفه وتتعلَّم من خلاله كل شيء، وأصبح هذا أحد مبرِّرات الوالدين؛ أنه يساعدهم على تربية أطفالهم، وبالطبع هذا خطأ كبير ووهم روَّج له صانعو هذا الجهاز، وأثبتت الدراسات أن معدل مشاهدة الأطفال للتلفزيون تستغرق يوميًّا من خمس إلى ست ساعات، وكلما قل عُمر الطفل زاد عدد ساعات مشاهدته، أما الكبار فيشاهدون بمتوسط أربع ساعات يوميًّا، والسؤال المهم هنا: لماذا يحب الجميع مشاهدة وسماع التلفزيون؟ بالطبع لأننا دائمًا أسرى الخيالات التي نريدها لكننا لا نستطيع تحقيقها لكن التلفزيون يستطيع بالطبع، فصانعو البرامج والأفلام لديهم ذكاء رفيع المستوى، فهم يدركون المجتمع من حولهم وما يحبون أن يشاهدوا ويُخدِّر جزءًا كبيرًا من أحلامهم الضائعة.
برامج التلفزيون متنوِّعة أيضًا من الرداءة حتى الجودة العالية، فهي تتنوَّع لاختلاف درجات الثقافة بين أفراد المجتمع ومستواهم الاجتماعي، كما أن التلفزيون قد يُعدُّ جليسًا للأطفال في كثير من الأوقات وملجأ للمراهقين للهروب إليه، ومن الممكن تشغيله طوال الوقت في البيت دون أن يوجد أحد لمشاهدته، وهو فقط صوت خلفية ليؤنس الموجودين، فهو يقدم برامج كل يوم بمعدل ثماني عشرة ساعة تقريبًا، وهو متاح دائمًا وفي أي وقت.
الفكرة من كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
يضعنا الكاتب أمام عدة أسئلة مهمة في تنشئة أطفالنا من خلال التلفزيون والفيديو، مُتسائلًا باستنكار: هل ستترك طفلك يتربَّى من خلال التلفاز؟ هل معدل الوقت الشاسع الذي يقضيه أمامه لا ينبهك لخطر ما؟ التلفزيون دائمًا عند الوالدين والمعلمين هو المسؤول الأول عن التدنِّي في الدراسة والتعليم للطفل لكنه في الحقيقة ليس كذلك، بل هو ترك المسؤولية الكاملة للتلفاز أو الفيديو لكي يُعلم ويرشد الطفل وأنه مصدر تلقٍّ عنده، فلا ينفك الطفل في التقليد والتأثر بالتلفزيون والفيديو، فالمعلم لديه مسؤولية تربوية وتعليمية تجاه طُلابه، والوالدان لديهما مسؤولية تربوية لأطفالهما، لذا لا يقع خطأ التنشئة فقط على الأجهزة، بل هي عوامل مساعدة ولها جانب نافع أيضًا لن ننكره، فعلينا دائمًا أن نتعامل مع التكنولوجيا الحديثة على أنها ليست المدمر الأول الكامل للمجتمع، لكنها سلاح ذو حدين، وعلينا تعلم كيفية التعامل معها.
مؤلف كتاب التلفزيون وتربية الأطفال
الدكتور ديفيد إنجلاند: هو أستاذ المناهج في جامعة ولاية لويزيانا، واشتهرت بحوثه العلمية ومقالاته الهادفة في مجال الأطفال والتلفزيون، وعمل مستشارًا في مجال الأطفال والتلفزيون لكثير من الهيئات والمؤسسات، وهو عضو في المجلس الوطني الأمريكي الخاص بوسائل الاتصال والإعلام، وعمل مستشارًا للعديد من الجهات المهتمة بالتربية والأطفال، وله إسهامات في مجال تخصُّصه العام، وهو تدريس اللغة الإنجليزية عن طريق القيام بنشاطات ومعسكرات للأطفال.
معلومات عن المترجم:
الدكتور محمد عبد العليم مرسي: هو أستاذ التربية، بقسم التربية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية بالرياض، وله عدة مؤلفات منها: “التربية ومشكلات المجتمع في دول الخليج العربية”، و”المعلم والمناهج وطرق التدريس”، وله عدة ترجمات منها: “التربية في ألمانيا الغربية، نزوع نحو التفوق والامتياز” لكاتبيه باربارا لينجنز، وهانز ج لينجنز، و”التربية في اليابان المعاصرة” لكاتبه إدوارد ر. بوشامب.