التلفزيون والأسرة
التلفزيون والأسرة
أصبحت مشاهدة التلفزيون أمرًا حتميًّا ومألوفًا من جوانب الحياة اليومية، وخصوصًا مع قصر النظر الذي أصاب المراقبين الأوائل حيث نظروا إلى التلفزيون كعامل إيجابي مؤثر بل رائع بالنسبة للأسرة، حيث كتب أحد النقاد في صحيفة نيويورك تايمز أنه لا حاجة لإثبات كون التلفزيون لمَّ شمل الأسرة في حجرة واحدة، فكان يرفق في كل مقال عن التلفزيون صورة أو رسمًا يظهر أسرة جالسة معًا في جو حميمي أمام التلفزيون، فمن كان يمكنه أن يخمِّن أنه بعد عشرين سنة ستشاهد الأم عملًا مسرحيًّا في المطبخ؟
ولم يتصوَّر أحد عدد الساعات التي سيخصِّصها الأطفال في آخر المطاف للتلفزيون، ولا التغيرات التي سيحدثها التلفزيون في أساليب تربية الطفل، وباختصار قدرة التلفزيون على التحكُّم في الحياة الأسرية، فقد تغيَّرت جوانب مهمة في المنزل والحياة الأسرية منذ دخول التلفزيون، حيث دمَّر الطابع الخاص الذي يميِّز أسرة عن أخرى من حيث ما تفعله الأسرة، وما كان يجمعهما من طقوس خاصة، وتأثَّرت أيضًا علاقات أفراد الأسرة بعضهم ببعض، فالساعات التي يقضيها الأطفال في علاقة أحادية مع الشخصيات التلفزيونية لا تسمح بأي تفاعل، وبالتأكيد تؤثر في العلاقات مع الناس الحقيقيين، حيث بيَّنت الدراسات أهمية الاتصال العيني المباشر في علاقات الحياة، فيؤثر ذلك فيما بعد على نجاح المرء أو فشله في العلاقات الإنسانية.
فحاول الآباء في كثير من الأسر ملء وقت فراغ أطفالهم كنتيجة مباشرة للمنافسة التي نشأت مع جهاز التلفزيون، ونتيجة لتخوُّف الآباء من فكرة هروب أطفالهم إلى جهاز التلفزيون، فهم يستهلكون كمًّا هائلًا من النشاط لصرف اهتمام أطفالهم عن التلفزيون، وحين يفتر النشاط أو تشغلهم واجبات أخرى يلجأ الآباء إلى التلفزيون في يأس يكشف عن خسارتهم أمامه، فيملأ الأطفال وقت فراغهم بأنفسهم، لكن ما وظيفة وقت الفراغ في حياة الطفل من الأساس؟ وقت الأطفال غير المشغول خلال سنواته المبكرة تحكمه قوى وضغوط خارجية ولا يستطيعون السيطرة عليه، فحاول الآباء بشكل غريزي التدخُّل خلال السنوات الثلاث الأولى باحتضان أطفالهم، وتدليلهم، والغناء لهم أغنيات قصيرة، بدلًا من تركهم لرغباتهم الخاصة، وبعد سن الثالثة يخطو الطفل خطواته الأولى نحو الاستقلالية، والتوقُّف عن الصراخ والغضب حين تتركه أمه، فتبدأ الأم في تشغيل جهاز التلفزيون لأطفالها مرة ثانية لملء وقت فراغهم، فيعودون إلى حالة الارتباط والاعتماد على الغير.
الفكرة من كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
قد يظن بعض الناس أن مجرد التعلُّق بمشاهدة التلفزيون عادة أو سلوك لا نقف أمامه بالدراسة أو البحث أو حتى التساؤل، ولكن لو علموا المشاكل التي قد يسبِّبها إدمان التلفزيون على الإنسان بعامة والطفل بخاصة سواء نفسيًّا أو اجتماعيًّا، لأدركوا ضرورة البحث عن علاج لهذا الإدمان، لذا يحاول الكاتب عرض الآثار السلبية لمشاهدة التلفاز على الطفل والعائلة، ويتساءل هل يمكن التخلُّص منه بكل سهولة؟
مؤلف كتاب الأطفال والإدمان التلفزيوني
ماري وين: عالمة حيوانات أمريكية، لها العديد من المؤلفات، منها:
The Plug in Drug.
Children without childhood.
المترجم: عبدالفتاح الصبحي