التلاعب
التلاعب
في مايو عام 1898 حيث لم يكن قد مضى من الابتعاد عن الخديوي عباس ثلاث سنوات، وبينما كان البرنس فؤاد في الكلوب الخديوي اقتحم صهره البرنس أحمد سيف الدين المكان واعتدى عليه بالقول، ثم أخرج سلاحه وأطلق عليه ثلاث رصاصات، واحدة في فخذه والثانية في كم قميصه والثالثة وهي أخطرها أصابت أسفل بطنه فمرت تحت الكبد وانتهت بقربه.
حضر الأطباء وأخرجوا الرصاصة التي اخترقت فخذه ورأوا ألا ضرورة في استخراج التي استقرت في جوفه مخافة أن تحدث التهابًا أو نزيف دم، وحدثت هذه الجريمة جراء البغض، ونتيجةً لتدهور العلاقات بين البرنس فؤاد وزوجته، ومنذ اللحظة الأولى من القبض عليه ظل يردِّد: انتقمت لشقيقتي. حُكم عليه بالسجن وبعد عامين كتب تقرير طبي بعدم سلامة قواه العقلية، وعلى إثر ذلك أرسل للعلاج في أحد مستشفيات إنجلترا، واستمر فيه مدة تزيد على ربع قرن.
انتقلت أملاكه فيها من قيِّمٍ إلى آخر، وظلَّ أحمد سيف الدين يمثل شوكة في جنب فؤاد وهذا نلاحظه في هروبه من المستشفى عام 1927، وفي حادثة الوثيقة المزورة وصلتها بالنحاس باشا أيضًا، ورحبت الحكومة التركية في أراضيها بالأمير الهارب شديد الثراء من المصحة، وعلَّلت ذلك بأنه مولود من أبوين تركيين، والأمر متروك له لو قرر أن يكون من رعايا تركيا، وكان مفهومًا أنه لو نجح في الحصول على شهادة من الأطباء الأتراك بسلامة قواه العقلية ولجأ للقضاء التركي لكان حرًّا وامتلك حق التصرف في ثروته.
ومتى ما ثبت ذلك رُفع أمره إلى المحاكم المختلطة في مصر سعيًا لإثبات حقوقه والتصرف في أملاكه، غير أن الحكومة المصرية استغلت محاولة والدة الأمير في إعادة أملاكه بالإطاحة بالنحاس باشا وبمنع الأمير من استعادة أمواله، فالقضية كانت من اختصاص مجلس البلاط التابع للملك مما استدعى والدة الأمير تخليص الثروة من القيِّم عليها وحل ذلك المجلس، وكان من العاملين في مكتب المحاماة الذي تولى القضية النحاس باشا وزملاؤه، ولما لم يرضخ النحاس باشا لحل الحكومة نشر العقد الذي بينه وبين ممثل والدة الأمير واستغل في الإطاحة به من الحكومة.
الفكرة من كتاب فؤاد الأول.. المعلوم والمجهول
إن فترة حكم الملك فؤاد من الفترات الشائكة في التاريخ المصري الحديث، بسبب مهادنته للاحتلال أحيانًا ودعم الحركة الوطنية أحيانًا أخرى، مما جعل من الصعب تحديد مواقفه الحقيقية، وهل كان مجرد تابع للاحتلال، أم ذا سيادة مستقلة؟
في هذا الكتاب نتعرف على تاريخ الملك فؤاد وأحوال حكمه لمصر وتاريخ المؤسسات الوطنية التي أُنشئت في عهده، ومعارضات حزب الوفد له وللاحتلال ونصب المكائد لغيره ليستأثر بالحكم.
مؤلف كتاب فؤاد الأول.. المعلوم والمجهول
يونان لبيب رزق (1933- 2008): مؤرخ مصري معاصر، ترأَّس قسم التاريخ الحديث في كلية الآداب بجامعة عين شمس، وكان عضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، وعضو مجلس الشورى، والمجلس الأعلى للصحافة، حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1995، وجائزة مبارك في العلوم الاجتماعية عام 2004.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
الوفد والكتاب الأسود.
قراءات تاريخية على هامش حرب الخليج.
الحياة الحزبية في مصر في عهد الاحتلال البريطاني.