التكنولوجيا وخدعة التواصل
التكنولوجيا وخدعة التواصل
تشير بعض الدراسات إلى أن طبيعة التفاعل البشري الإنساني بعد دخول التكنولوجيا إلى حياتنا اختلف كثيرًا عما كان عليه من قبل، فأنت ترى حولك في كل مكان أن شكل العلاقات الحقيقية في الحياة الواقعية قد تغيَّر، فلا تخلو مجالس الأصدقاء والاجتماعات العائلية من واحد أو اثنين من المنشغلين عن محيطهم بأجهزتهم، إذ وُضِع نحو 200 شخص في محادثات ثنائية مرة في وجود هواتفهم المحمولة ومرة من دونها، فوُجِدَ أن المحادثات التي أجريت في غياب أجهزتهم كانت أفضل بكثير من تلك التي جرت في وجودها حتى على صعيد البعد العاطفي؛ فالمحادثات التي جرت من دون هواتف محمولة كان التفاعل العاطفي فيها أكثر من ناحية شدته ووتيرته.
وعلى خلاف مسماها تخدعنا وسائل التواصل الاجتماعي والمراسلات الإلكترونية بحياة مليئة بالتفاعل والتواصل، في الوقت الذي يقلِّل الاعتمادُ عليها كنمط وحيد للتواصل من قيمة الحوار الحقيقي والتفاعل الإنساني الواقعي الذي يكون فيه الإنسان حاضرًا بكل حواسه وأحاسيسه، وهذا ما تسلب هذه الأدوات منه معناه وجوهره.
إضافةً إلى البعد الشعوري والحكمي أيضًا، فالاتكال على المراسلات الإلكترونية والنقاشات الافتراضية يسيء إلى نوعية وماهية المشاعر المتبادلة في هذه الأوساط، ويزيد من التوهُّم واللبس ويهوِّن من سلوك الترك والاستغناء السهل المتعيِّن “ببلوك أو إلغاء متابعة”، على خلاف لو كان هذا على أرض الواقع فالالتزامات المترتِّبة على التواصل الحقيقي تجعل الواحد منا أكثر انضباطًا في أحكامه ومشاعره وردود أفعاله مما نحن عليه في هذه التجمُّعات الافتراضية.
الفكرة من كتاب ملول وعبقري
أثَّر دخول التكنولوجيا والسوشيال ميديا في حياتنا بشكل كبير، فنحن نقع تحت قصف معلوماتي مستمر وحالة استهلاك مستنزفة وإجهاد عقلي متواصل، مما لا يتيح لهذه الكتلة الصغيرة المسماة بالدماغ قليلًا من الراحة أو الشرود، وهذا له نتائج وخيمة على المدى البعيد، إذ تشكِّل حالة الاستثارة الذهنية المتواصلة هذه تبلدًا فكريًّا وفقرًا إبداعيًّا، إضافة إلى التمركز حول نفس العادات والتقاليد اليومية التي تكسر عصا التجديد والابتكار.
وبناءً على ما تقدم تحدثت المؤلفة في هذا الكتاب عمَّا يسمى في علم النفس الإدراكي “الشرود الذهني”، وكيف يمكن للابتعاد عن الروتين الصاخب والملل أن يولِّدا أهم الأفكار إبداعًا وعبقرية.
مؤلف كتاب ملول وعبقري
“منوش زمردي”: صحفية ومضيفة بودكاست ومؤلفة، تركت في عام 2018 محطة “WNYC” لتأسيس شركتها الإعلامية الخاصة “Stable Genius Productions” مع زميلتها “جين بويانت”، وشهد عام 2020 بداية توثيق شركتهما في البودكاست.
وإضافةً إلى هذا الكتاب “ملول وعبقري” الذي أعادت به اكتشاف الجانب الرائع والمفقود للملل، فإن لها كتاب “شرارة: كيف تحرِّر دماغك من التكنولوجيا لإشعال إبداعك؟ – Spark: How to Free Your Brain from Technology to Ignite Your Creativity”.
معلومات عن المترجمة:
“فرح عمران”: مدوِّنة ومترجمة، ومن أعمالها:
الغريب.
أليس في بلاد العجائب.
فن النفوذ الصامت.
ماذا يعني أن تكون معلمًا؟