التقدم خطوة إلى الأمام
التقدم خطوة إلى الأمام
في ١٥ يونيو حدثت خطوة مهمة في تاريخ نقل الدم، حيث التقى دوني وإميري فتًى يعاني حمى شديدة، استدعت أسرته الأطباء فأجروا له عملية فصد دم، وعندما لم يتعافَ كرَّروا إجراءها عشرين مرة خلال شهرين، ونتج عن ذلك ضعف جسده وعقله وكثرة النوم وصعوبة الاستيقاظ، وبعد أن فحصه دوني وناقش حالته مع إميري، رأيا أن جسمه يحتاج إلى الدم، وكان المتبرِّع هو الحَمَل، وبعد مرور خمس ساعات شعر المريض بالبهجة واستمر يومه بشكل طبيعي، وفي الأيام التالية أصبح يستيقظ مبكرًا، وانتهت حالة التبلُّد وزاد وزنه، وطلب منه دوني أن يعمل خادمًا لديه، وكانت بمثابة أول عملية نقل دم إلى إنسان في العالم.
في يوليو عام ١٦٦٧ تُرجِمت أعمال دوني وتجاربه في دورية “مداولات فلسفية” في العدد ٢٧، ووزِّعت على الأوساط العلمية في أوروبا، وكان ذلك نجاحًا له وتقديرًا لأعماله، وبعد مرور شهر أنكر أولدنبرج صاحب الدورية هذا العدد وأبلغ عن استبداله بنسخة جديدة، فتحوَّل نجاح دوني إلى سخرية من أعماله، حيث ذكر أن الإنجليز وليس الفرنسيين هم أول من توصَّلوا إلى الفكرة، وأنهم يمتلكون الحق في نسب السبق لهم في أي جديد في إدخال المواد إلى الدم، كما ذكر فيها وصفًا لطريقة نقل دم بين الحيوانات شبيهة بتلك التي أجراها دوني، لكن دوني أوضح أنه هو أول من نشرها في الطبعة الأولى من الدورية.
يرجع السبب في استبدال العدد المذكور من الدورية وطباعة عدد آخر، أن أولدنبرج تم حبسه في السجن المشدَّد في يونيو ١٦٦٧ بتهمة التجسُّس بسبب الخطابات التي كان يرسلها خارج البلاد، ونشر شخص ما دون علمه وموافقته النسخة الأولى من العدد ٢٧ ووزَّعها على المشتركين في الدورية، ولما أُطلِق سراحه في أغسطس ١٦٦٧ أعاد كتابة النسخة الجديدة ووزَّعها وأخلى مسؤوليته عن النسخة الأولى .
الفكرة من كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
قبل أن نبدأ بقراءة القصة، لنتعرَّف على بطلها.. جون باتيست دوني.. طبيب فرنسي، ولد عام١٦٤٠ في أسرة من طبقة النبلاء، كان والده كبير مهندسي الملك لويس الرابع عشر، وقد حصل دوني على بكالوريوس اللاهوت، ثم درس الطب في مونبلييه،كما حصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات، وشغل منصب أستاذ الرياضيات والفلسفة الطبيعية، وتمثِّل الرياضيات والفلك أكثر اهتماماته، أما الطب فقد كان هواية له.
انتقل دوني إلى باريس عام ١٦٦٤، وبدأ حياته الأكاديمة، وأصبح لديه مكانة بصفته أستاذًا جامعيًّا، وكان شابًّا ذكيًّا ومهتمًّا بتناول القضايا الجدلية، وحقَّقت محاضراته شهرة واسعة، وامتلأت بالحضور، وكانت الشهرة وجمع الأموال من أهدافه.
فهل تحققت تلك الأهداف؟ وما علاقتها بنقل الدم؟ لننتقل إلى القصة ونرَ..
مؤلف كتاب الدم والعدالة قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
بيت مور: أكاديمي وكاتب علمي وصحفي ومدرب، ولد في أبينجدون بأكسفوردشاير، درس علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية لحيوانات المزرعة، وحصل على درجة الدكتوراه في الفسيولوجيا، ومن الدوريات العلمية التي يكتب فيها: Nature وNew Scientist، شغل منصب رئيس رابطة الصحفيين الطبيين في إنجلترا، وعمل كذلك في كلية أوكلاند وكلية لندن، وأسَّس منظمة ThinkWrite لتدريب الأشخاص على الكتابة، كما حصل على العديد من الجوائز عن أعماله الصحفية العلمية، وظهر إعلاميًّا في مقابلات على قناة BBC وفي محطات إذاعية دولية متعدِّدة.
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن مجدي: مترجم؛ حاصل على ليسانس الألسن قسم اللغة الإنجليزية، وملتحق بالدراسات العليا في الترجمة الفورية والتحريرية بكلية الألسن، قام بترجمة العديد من الكتب في المجالات المختلفة، ومنها: “الإعلام والنشء: تأثير وسائل الإعلام عبر مراحل النمو”.