التفوُّق.. ما هو؟
التفوُّق.. ما هو؟
في العصور الوسطى، كان يُنظر إلى الموهبة الخارقة على أنها نزعة شيطانية، وفي بداية عصر النهضة اُعتبرت مرضًا عصبيًّا، وفي القرن التاسع عشر تأثرت الأبحاث بالداروينية وعدُّوها من أشكال الانتقاء الطبيعي، وجاء القرن العشرون فكان أنشط القرون اهتمامًا بظاهرة التفوُّق العقلي ورعاية الموهوبين.
ويصعب صياغة تعريف واحد للتفوق العقلي، لتعدد زوايا النظر لدى الباحثين، وقد تنوَّعت مصطلحات التفوق عندهم وتداخلت، فمنها مصطلح العبقرية الذي يصف أعمالًا ذات جودة ودقة عديمة النظير ومقدَّرة من المجتمع؛ وهذا التعريف يميل إلى وصف العباقرة الراشدين، أما الأطفال فيمكن اعتبارهم عباقرة إذا تخطت نسبة ذكائه الـ170 درجة، واُستعملت لفظة الموهبة للربط بين الذكاء والتحصيل أو بمعنى الإبداع وإنتاج الأشياء الطريفة، وقد يحصرها بعضهم في مجالات معينة كالآداب والفنون.
ويرى آخرون أنه ينبغي التعامل مع التفوق كمفهوم ثقافي لا نفسي؛ أي تدخل فيها النسبية، معرِّفين المتفوق بأنه من وصل في أدائه إلى مستوى أعلى من غيره في أحد المجالات المعبرة عن المستوى العقلي والوظيفي بشرط أن يكون موضع تقدير الجماعة، وإذا حللنا هذا التعريف نجد أنه قائم على أربعة مضامين: إجرائي يقيس التفوق في شكل أداء، وعقلي معرفي يربط التفوق بالنشاط الذهني، وقيمي يحدد مستوًى معينًا للأداء، وثقافي يختلف من مجتمع لآخر، مما يعني أن مفهوم التفوق يتحرر من المجال الأكاديمي لينسحب إلى الحياة الاجتماعية، وتحديده قابل للقياس والملاحظة، لكن يحتمل وجود أطفال ذوي قدرات عقلية، ولكن توجد معوقات مجتمعية تعوق استثارتها.
ويرى مؤلفا الكتاب أن الأطفال المتفوقين هم من يحملون نظرة إلى العالم مختلفة عن أقرانهم، ويتخيلون ما لا يستطيع غيرهم تخيله؛ كأنهم يرون العالم بمجهر إلكتروني بالنسبة إلى العين المجردة، ويذكر رنزولي -عالم نفس أمريكي- أن الموهبة والتفوُّق حصيلتا التفاعل بين قدرة عقلية أعلى من المتوسط والتزام كبير في أداء المهام ودرجة مرتفعة من الإبداع، وخلاصة القول إن المتفوقين عقليًّا جماعة غير متجانسة، ويتفاوتون تبعًا لظروف كثيرة.
الفكرة من كتاب المتفوقون عقليًّا
لم تكن رعاية المتفوقين وأصحاب القدرات الخارقة ترفًا من الفكر أو نفلًا من العمل بل واجب تربوي ضروري لتحسين المجتمع، ومسألة جوهرية في أي نظام تعليمي يهدف إلى تخريج الكوادر والكفاءات. لكن ما معنى التفوُّق العقلي؟ وكيف نكتشف المتفوقين؟ وكيف نضع برامج مناسبة لرعايتهم يمكن تطبيقها بمرونة واحترافية وتحديد دور الأسرة والمدرسة والمتخصصين فيها؟ في هذا الكتاب يُسلِّط المؤلفان الضوء تجاه تلك الأسئلة وغيرها، محاولَين التوفيق بين الإجابات المتعددة لها.
مؤلف كتاب المتفوقون عقليًّا
د. عبد الرحمن سيد سليمان: أستاذ ورئيس قسم التربية الخاصة بجامعة عين شمس، تخرَّج في الجامعة عام 1974 ثم خلال عامين اجتاز دبلومة الصحة النفسية والتربية الخاصة، قبل أن ينال درجتي الماجستير والدكتوراه.
له إسهامات عديدة في مجال تربية الأطفال والمراهقين، ومن أبرز مؤلفاته: “مناهج البحث التربوي”، و”الذاتوية.. إعاقة التوحد لدى الأطفال”.
د. صفاء غازي أحمد: كاتبة وأكاديمية مجتهدة، تدرَّجت حياتها المهنية من الخدمة بوزارة التربية والتعليم إلى مدرس مساعد بكلية التربية جامعة عين شمس إلى أستاذ مساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك سعود، ودرست في كلية الآداب قسم علم النفس، ثم حازت بعد تخرُّجها أربع درجات علمية شملت دبلومتين تربويتين وشهادتي الماجستير والدكتوراه. ومن أبرز مؤلفاتها: “المرجع في التربية الخاصة”.