التفاهم
ومفتاح حل الحقيقة الثانية هو أن نفهم أزواجنا وأن يفهمونا، يفهم بعضنا أفكار البعض الآخر، ومشاعرنا، ما يحزن وما يفرح له شريكك، ما يضحكه وما يغضبه، الرؤى والأحلام، والرغبات، وأهم سبل الفهم الحوار والإنصات.
ولتختبري التفاهم بينكما فاسألي نفسك، هل تعبِّرين له بصراحة عما في داخلك؟ هل تتجنَّبان الصمت الطويل؟ وهل تخصِّصان وقتًا للتنزُّه معًا؟ هل تعتبرين نجاحه نجاحًا لك؟ وهل تبادرين لإرضائه حال الخلاف؟ هل تقدِّرين الاختلاف بينكما؟ أم تضعين نفسك دومًا في مقارنة معه؟ وهل تحاولين فرض تفكيرك عليه دومًا؟ أم تتقبَّلين أن بعض الأمور لن تسير كما تحبين لأنه لا يفكر بنفس طريقتك؟ إن من أكثر ما يعينك على الوصول إلى التفاهم، أن تقبلي الاختلافات بينكما، وأن تتركي له مساحته، وتتفهَّمي مثلًا أنه لا يفضِّل الاعتذار الصريح، ولكنه يتبع طرقًا أخرى لنفس الغرض، والزوجة الكيِّسة تقبل من زوجها ذلك، وأن تتجنَّبي استفزازه بما تعلمين أنه يزعجه، ولا تشعريه بتفوقك عليه، بل تظهرين له حاجتك إليه وعدم استغنائك عنه.
أما أوقات الخلاف والخصام، فاحرصي أن تفكري قبل أن تردي، وتجنَّبي الكلمات الجارحة، وتجنَّبي أيضًا كلمات مثل “أنت لن تتغير أبدًا” التي تقطعين بها فرصة الحوار، وتجنَّبي إطالة فترة الخصام، واحذري من تكرار الشكوى داخل نفسك لأن ذلك يدفع إلى تصديقها أكثر وتتبدَّل مشاعرك تجاه زوجك إلى نفور، وبدلًا من ذلك تذكري دومًا مواقفه الطيبة معك لينمو الرضا في قلبك.
وتذكري دائمًا قول النبي (ﷺ): “أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ؟! كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا أَو غَضِبَ زَوجُهَا، قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى”.
الفكرة من كتاب كيف تبنين بيتًا سعيدًا
سيارة ومال كثير، كثير بما يكفي لألفَّ العالم كله، هذا ما أسميه حلمًا، إما أن أتزوج وأفقد كل متع الحياة، حتى الحب، نعم تعلمين عزيزتي ما إن يدخل الزواج من الباب حتى يغادر الحب من الشباك، ثم ما المميز في أن أتزوَّج؟كل الناس يتزوَّجون، بل كل الكائنات تفعل!
كثرت في زمننا مثل تلك الأفكار والنقاشات، ولكن هل تلك الأحلام هي السعادة حقًّا؟ وهل الزواج كما يتحدثون عنه؟
يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، ومن آياته؛ إذًا فالزواج آية من آيات الله؛ آية جاءت بعد ذكر قدرة الله على إخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي، وبعد آية خلق الإنسان من تراب، وخلق السماوات والأرض، في وسط تلك الآيات ودلالات وجوده سبحانه، كانت آية خلق الأنثى من الرجل، لماذا؟ ليسكن إليها! وليكون ما بينهما ماذا؟ شحناء وندية وكدر؟ لا بل مودة ورحمة، إنها آية من آيات الله سبحانه، وفي كل نفسين تجتمعان على ميثاق الله آية متجدِّدة نراها بأعيننا، فما سرها؟ وكيف نصل إلى تلك المودة والرحمة والسكينة التي يصفها سبحانه في بيوتنا؟
مؤلف كتاب كيف تبنين بيتًا سعيدًا
الدكتور أكرم رضا مرسي: خبير أسري وتربوي، واستشاري تنمية بشرية وتطوير، من مواليد القاهرة عام 1959م، تخرج في كلية الصيدلة عام 1982، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في الشريعة الإسلامية، وقد حصل على الدبلوم الخاص للإرشاد النفسي في مجال التربية وعلم النفس، إضافةً إلى حصوله على دبلوم الإدارة التنفيذية EMD من الجامعة الأمريكية في القاهرة، له عدد كبير من المؤلفات والسلاسل في كثير من المجالات أبرزها الأسري والتربوي، ومن مؤلفاته:
على أعتاب الزواج.
بيوت بلا ديون.
قواعد تكوين البيت المسلم.
متعة النجاح.