التغيير والقلق
التغيير والقلق
التغيير السريع والمستمر هو أهم سمة لعالمنا المعاصر، ويجد المختصون أن هذا التغيير من أهم محفزات المشاكل العقلية، وهذا لأنه غالبًا ما يرتبط بالخوف الذي هو جوهر القلق، والتغير الملحوظ في عالمنا المعاصر هو التقنية الحديثة التي هي جذر جميع التغيرات الاجتماعية والسياسية وغيرها، إضافةً إلى أن السرعة التي تتغيَّر بها التقنية مهولة؛ فيرى عالم الحواسيب “راي كورزويل- Ray Kurzweil” أن القرن الحادي والعشرين سيشهد تطورًا يعادل 20 ألف عام من حياة البشر! ففي عام 2000م فقط لم نكن نعرف كلمة “سيلفي”، أو “جوجل”، أو “فيسبوك”، إلى آخره، ومثلما محت تلك الشركات أشرطة الفيديو، والهواتف القديمة، سوف تُمحى تلك الشركات ويحلُّ جديدٌ مكانها، ولأن التغير التقني هو جذر التغير الاجتماعي، فحتمًا وبلا شك سيؤثر فينا، ومن التغييرات التي أحدثتها التقنية: التغير في السياسة التي تُستغل فيها مواقع التواصل بشكل سلبي يمحو نقاط التفاهم والأرضيات المشتركة، ومنها إلى إحداث الفرقة والتوتر بين الناس، وكذلك التغير أيضًا في العمل الذي تمَّ فيه استبدال التقنية بالبشر، ما سبَّب البطالة،
ومنها القلق على لقمة العيش، والتغير على شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تعد كمجلات خاصة للمرء، وأيضًا أصبح البعض يفضِّل التواصل بالمحادثات، ما يفقدهم القدرة على التواصل الحقيقي، ومن أهم مشاكل التغيير التقني أننا دائمًا ما نشعر بأننا موجهون إلى الإعجاب بالمستقبل، فلا نتيقَّظ ولا نستمتع بحاضرنا، بل أحيانًا نشعر بأن واقعنا هو خيال علمي حينما نشاهد مثلًا روبوتًا يتقافز في الهواء! وهكذا نعجب بالمستقبل ونرغب بالمزيد ونفوِّت حاضرنا الذي هو حقيقتنا، وتمتد تلك القيمة حتى في تعليمنا الحديث، فقد أصبحنا نتعلَّم للمستقبل وليس لهدف التعلم، فمنذ الحضانة يجب أن نجتازها لدخول المرحلة الابتدائية، ونجتاز الأخيرة لدخول ما بعدها حتى الجامعة، وحتى في العمل نُسأل عن رؤيتنا لما بعد خمس سنوات من عمرنا! وأصبح كل شيء لاجتياز ما بعده ولجمع المزيد وليس للتعلم وإثراء تجربتنا البشرية، وهذا بلا شك يزرع الخوف والقلق المستمر في نفوسنا، ولهذا علينا فقط الالتفات إلى حاضرنا والتوقف عن جني المزيد، وأن ندرك أن السعادة لا تتعلَّق بما نرغب أو نستطيع الحصول عليه، بل بما نملكه.
الفكرة من كتاب ملاحظات حول كوكب متوتر
إن كنت تعاني من القلق سواء المَرضي أو العابر، وتشعر بأنك في حاجة دائمة إلى الهروب من ذاتك ومن هذا الشعور الثقيل الجاسم على صدرك الذي يمنعك من ممارسة حياتك بشكل سلسٍ هادئ، ربما عليك أن تبدأ بترك الانغماس في الملهيات ومواجهة هذا الشعور ومعرفة أسبابه مهما بدت لك خفية ومجهولة؛ فالكاتب يؤكِّد أن هناك أسبابًا تربط بين نمط المعيشة في عالمنا المعاصر وبين انتشار القلق والاضطرابات النفسية، لذا يجب عليك التحرُّر من الشعور بالذنب، وبأن مسؤولية قلقك تقع كاملة على عاتقك، وأن تبدأ في التعرُّف على بعض تلك الأسباب والتغيرات التي طرأت على عالمنا المعاصر ومن ثَمَّ طرق التحرُّر منها بمساعدة مات هيغ الذي مرَّ بتلك التجربة من قبل.
مؤلف كتاب ملاحظات حول كوكب متوتر
مات هيغ: كاتب وصحفي وروائي بريطاني ولد عام 1975م، له العديد من المؤلفات التي ترجمت إلى أربعين لغة، كما أنه من المهتمين بالتوعية النفسية، ويظهر هذا في مؤلفاته.
من مؤلفاته:
أسباب للبقاء حيًّا.
كتاب الراحة.
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مترجم وشاعر سعودي من أصل يمني، ولد عام 1991م، ترجم العديد من الكتب والمؤلفات الأدبية المميزة.
ومن ترجماته:
أسباب للبقاء حيًّا.
سَنة القراءة الخطرة.