التغيير ليس عصا سحرية!
التغيير ليس عصا سحرية!
خلق الله (سبحانه وتعالى) السماوات السبع والأرض في ستة أيام لا لعجز منه حاشاه سبحانه وهو القادر على أن يخلقهن بكلمة، ولكن ليعلمنا سنة من سننه التي لا تتبدَّل ولا تتغيَّر وهي سنة التدريج، والعاقل المتدبِّر في خلق الله يراها واضحة جليَّة، فالنطفة لا تتحوَّل جنينًا في ليلة وضحاها، والحبة لاتنفلق في ساعة، والشمس لا تشرق فجأة ولا تغيب فجأة، والإنسان يولد جاهلًا ضعيفًا فيتعلم يومًا بعد يوم ويقوى يومًا بعد يوم، بل الشرع لم يحرم كل شيء مرة واحدة وتحريم الخمر أوضح الأمثلة!
إذًا التدرُّج سنة من سنن الله يمكن إسقاطها على كل شيء تقريبًا وغياب فهم هذه السنة عن الأذهان يصيب المرء بخيبة أمل حين يعتقد أن ما يريد وما يؤمِّل فيه ممكن التحقُّق في غمضة عين، بل ويزداد الأمر صعوبة مع أهل الإيمان السطحي أو القاصر، فهم يعتقدون أنه بمجرد أن يرفع المرء يديه بالدعاء طالبًا أو راجيًا فإن المعجزات ستهبط عليه والصواعق ستنزل على من دعا عليه!
كثير منا يرغب في تغيير صفة سيئة فيه أو الالتزام بخلق معين أو فريضة معينة، ويتكرَّر هذا الأمر كثيرًا مع فريضة الصلاة، فنبدأ بمقارنة صلاتنا مع صلاة من حولنا من أهل أو علماء أو وعاظ أو حتى مع سِيَر من نقرأ لهم من السلف الصالح أو حتى الصحابة، وسريعًا ما نصاب بخيبة أمل، إذ إن صلاتنا لاترقى إلى المستوى المطلوب ونصاب بالإحباط واليأس ونأتي بفرض ونسقط آخر ونعتقد أن إقامتها شرف لا يحظى به إلا صفوة الخلق، فضلًا عن الخشوع واستحضار المعاني!
الأمر ليس كذلك، الصلاة كغيرها مما يدرب المرء نفسه عليه تدريجيًّا فلن نصبح قوَّامين في ليلة وضحاها، وإنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، نعم يكون التغيير ثقيلًا في البداية، وسنجد مقاومة من أنفسنا ومن الشيطان لكن النتيجة النهائية تستحق هذا الجهاد.
إن أكبر عدو للتغيير وهو أكبر حتى من هوى النفس والشيطان هو التسويف، وهو جند من جنودهما بالطبع، ومن المُجرَّب والمُشَاهَد أن عبارة “يومًا ما” لم تتحقَّق ولن تتحقَّق أصلًا، ولنتخيَّل موقفنا إن أتى ذلك اليوم ونحن في قبورنا نسأل عن أول ما يسأل عنه العبد أصلًا! بالطبع عبارة “يومًا ما” وقتها ستكون ساذجة جدًّا.
الفكرة من كتاب فاتتني صلاة
من وجهة نظر إنسانية وأخرى نفسية نجلس مع الكاتب في محراب الصلاة، نعرِّج معه إلى السماء السابعة ثم نهبط إلى دواخلنا ونطوف داخل أنفسنا وعقولنا، نفحص معه الداء حتى نصل إلى الدواء، وما ذلك إلا نتاج تجربته الخاصة، وأصدق النصائح تلك التي تأخذها ممن تربت قدماه سعيًا حتى وصل.
مؤلف كتاب فاتتني صلاة
إسلام جمال يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، مصري الجنسية، يعمل مهندسًا بحريًّا، حصل على شهادة البكالوريوس في مصر بينما حصل على شهادة الماجيستير في إنجلترا، وغايته من الكتابة هي ربط علم النفس بالدين، والعبادات بالحياة.
من أبرز مؤلفاته: “آيات تغير حياتك”.