التعليم وصحة العقل والجسد
التعليم وصحة العقل والجسد
من المتعارف عليه أن أهم نقطة ضعف في أمتنا هي قلة رغبتها في زيادة المعرفة والتوسع في التخصصات، بالإضافة إلى ضعف مؤسساتها العلمية وبعدها عن المقاييس العالمية.
ولكن جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتزيد الأمور سوءًا على المستويين الثقافي والتعليمي من خلال تأثير وسائل التواصل والألعاب الإلكترونية في اهتمامات الصغار؛ فقد أصبح الانشغال بكتابة الواجبات والاستزادة من المعلمين في الدرجة الثانية من مشاغل الطلاب وانشغلوا بالحديث عن الألعاب الإلكترونية بدلًا من الحديث عن الدراسة، وتأجيل أداء الواجبات الدراسية للاستمتاع بالألعاب، فانخفض مستوى التحصيل التعليمي، واختفت هيبة المدرسة والمعلم، فتراجع التقدم الحضاري عمومًا، وصار هناك تشتيت دائم لأذهان الطلاب، ما جعل القراءة والكتابة في تدهور مستمر، لذا انعدمت المهارة اللغوية، وأصبح من الصعب مساعدة الآباء أولادهم على هذا الأمر، لأنهم شخصيًّا انشغلوا بالهواتف، فصار الجميع مشغولًا عن الآخر.
كما ازداد فشل المؤسسات التعليمية في تقريب الاستذكار إلى نفوس الطلاب وترسيخ ثقافة حب العلم والمعرفة، بعد انتشار الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، حيث جاءت وسائل التواصل لتنافس القراءة، فقلَّت مبيعات الكتب إلى أقل من النصف أو الربع، مع زيادة عدد السكان، وتحسن الوعي بعامة، في الوقت الذي امتلأت فيه وسائل التواصل بكثير من المغريات المثيرة للدهشة، وإدمان قراءة النصوص القصيرة ومشاهدة مقاطع الفيديو المضحكة والسطحية، حيث ارتبط إفراز هرمون الدوبامين بتلك الأخبار الجديدة على المواقع، فلم يتركوا أي مساحة للتركيز على النصوص المعقَّدة والثقافة العميقة المتوافرة أساسًا في الكتب.
وأصبحت التقنية تقدِّم للعقل أكثر بكثير مما يحتاج إليه، فهو يعتمد على التركيز والتفكير والإبداع، وهذه المعاني تتناقض كليًّا مع التقنيات الموجودة وما تعرضه من فوضى، وعدم تطلُّبها أي مهارات تركيز، ما يجعل الدماغ يتعود قلَّة التركيز.
الفكرة من كتاب أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي
نظرًا إلى ما تعانيه الأسر من الحيرة في كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية في ظل ما تمنحه هذه التقنيات من فوائد، وما تخلفه أيضًا من مخاطر، وإدراك الجميع بأنهم غير مخيَّرين بين إبقاء هذه التقنيات في المنزل، وإخراجها منه، فقد أصبحت تلك الوسائل جزءًا لا يتجزأ من حياة الفرد، ويتناول هذا الكتاب ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي وما يترتب عليها من تأثيرات سلبية وإيجابية، ويضع بعض الحلول الممكنة لمعالجة هذه المشكلة.
مؤلف كتاب أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي
عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، ويعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، وقد حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، وعلى الماجستير والدكتوراه من الكلية نفسها.
ألَّف العديد من الكتب، منها: المراهق وطفل يقرأ والقواعد العشر وتكوين المفكر.