التعليم والذاكرة
التعليم والذاكرة
تعرَّف جوشوا على مجموعة من الطلاب يتدرَّبون لبطولة الذاكرة على يد مدرِّس تاريخ اسمه رايمون ماثيوز، وقد آمن ماثيوز أن فن الذاكرة سيكون السبب في جعل طلابه يتمتعون بمكانة مفيدة في المجتمع، ففي القرن الماضي هوجمت عملية الحفظ لاعتبارها عملية متخلِّفة وتهدِّد من تطوُّر الدماغ، وبالتالي بدأت المدارس تركِّز على تنمية الابتكار والتفكير المستقل، ويرى ماثيوز أنه من أجل تخريج أشخاص فضوليين وواسعي المعرفة، يجب أولًا منحهم الحد الأدنى من المعارف.
لأن التعليم يعني القدرة على استعادة المعلومة وتحليلها، أي أن الأمر يبدأ أولًا بالاستذكار، وتمثَّلت المشكلة قديمًا في تعليم الحفظ بطريقة خاطئة، كما يُخطئ البعض في الاعتقاد أن الذاكرة والإبداع فكرتان متضادتان، فالحقيقة هي أنك من أجل أن تبتكر لا بد أن تمتلك مخزونًا كافيًا من البداية، ويكون هذا المخزون قابلًا للتوسُّع لأن فن الذاكرة يُعتبر آلة للابتكار وخلق أفكار جديدة، واكتساب المعرفة يتطلَّب معرفة.
التعليم لا يهدف إلى ملء الرؤوس بالمعلومات فقط، بل يجب أن يرشد الطلاب على كيفية فهم هذه المعلومات، والذكاء لا يعني القدرة على التذكُّر، لكن هناك علاقة وطيدة بين الاثنين، فكلَّما ارتبطت معلومة جديدة تلقَّيناها بمعلومة سابقة زاد احتمالنا على تذكُّرها، وكلما تحسَّنت قدرتنا على التذكُّر أصبحنا أكثر قدرة على فهم العالم، وكلما فهمنا العالم أكثر تذكَّرنا حقائقه أكثر.
الفكرة من كتاب رقصة القمر مع آينشتاين: فن وعلم تذكُّر كل شيء
يسرد هذا الكتاب رحلة شخصية للصحفي جوشوا فوير، وقد بدأت بفضول حول أبطال الذاكرة، وانتهت بفوزه ببطولة الولايات المتحدة الأمريكية للذاكرة عام 2006؛ هذه ليست حكاية لبطل خارق أو عبقري مكبوت، وإنما حكاية شخص عادي ذي ذاكرة متوسطة، تمرَّن وقرأ وبحث لمدة عام واحد حتى حقَّق ما حقَّقه، وهو يدعونا للتعلُّم من رحلته وفك شيفرات ذاكرتنا.
مؤلف كتاب رقصة القمر مع آينشتاين: فن وعلم تذكُّر كل شيء
جوشوا فوير : صحفي وكاتب مستقل أمريكي، ولديه اهتمام كبير بالعلوم، وفاز ببطولة ذاكرة الولايات المتحدة لعام 2006.
من أعماله: Atlas Obscura: An Explorer’s Guide to the World’s Hidden Wonders.
معلومات عن المترجم:
محمد الضبع: مُترجم وشاعر سعودي من أصل يمني، ولد عام 1991 في جدة، وأنجز الكثير من الترجمات في مدونته “معطف فوق سرير العالم”.
من ترجماته: “كتاب الراحة”، و”سنة القراءة الخطرة”.