التعليم والحياة
التعليم والحياة
من الضروري إبراز أهمية العلم والتعليم لدى الأطفال وغرس الدوافع اللازمة لكي تحفز الطفل على الانجذاب للتعلم، ولن يكون ذلك صعبًا، فالعلم كالطفل يهتم بحداثة التجارب والظواهر، مع أن له تاريخًا طويلًا يؤدي فيه البحث إلى التحليل ثم إلى الاكتشاف ثم إلى إعادة البحث، وهكذا بشكل تسلسلي.
وقد خلق تاريخ العلوم مجتمعات شابة من الحضارة الغربية، ويظهر ذلك جليًّا في استعمال الإنسان آلةً ما بشكل يومي كالهاتف المحمول أو غسالة الملابس مع جهله التام بما تحمله من تاريخ العلوم، وفي الوقت نفسه أضاف العلم إلى الحضارات أعمارًا كبيرة عن طريق نظريات التطور، والنظرية النسبية، ونظرية الانفجار العظيم، والزمن العميق الذي يشير إلى مجمل التاريخ الجيولوجي. فالعلم الذي يُبقي الإنسان شابًّا هو نفسه ما يزيد من عمره التطوري والجيولوجي والثقافي والتاريخي.
يهدف التعليم إلى زيادة عمر الشباب لجعله يتجاوز آلاف السنين، أي إلى إعطائهم أعمارًا ثقافية تتخطى أعمارهم البيولوجية من خلال العلم، وفي الوقت نفسه يعمل العلم على استمرار سن الشباب، وهكذا يصبح الإنسان أصغر عمرًا بأن يصبح أكبر عمرًا، ويكمن المأزق الأكبر في أنواع التعلم التي تتطلب وجود درجة معينة من النضج عند المتعلم بشكل مبدئي، ولا يمكن اكتساب هذه الدرجة من النضج إلا عن طريق التعلم، وبذلك يجب على الإنسان أن يكون بالغًا في المقام الأول بنسبة ما حتى يتعلم كيف يصبح بالغًا.
إن التعلم عملية أبدية لا تعرف طريق النهاية، ومن يبدأ التعلم لا ينتهي منه أبدًا، فهو عملية دائمة ومستمرة لا يمكن لشيء أن يضع لها حدًّا إلا نهاية حياة الإنسان ذاته، وبذلك يتخطى التعلم كونه هدفًا أو أسلوبًا معينًا لتحسين كفاءة الحياة، لكي يصبح الحياة ذاتها.
الفكرة من كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
تفيض ظاهرة العمر في الحضارة الغربية على ظاهرة جديدة مثيرة للتساؤل، وهي بروز اختلافات عظيمة بين صاحب الأربعين عامًا اليوم وصاحب الأربعين عامًا من قرنٍ مضى، وحتى من عقدٍ مضى، بل ويمكننا القول من خمسة أعوام، ومع أن صاحب الأربعين اليوم هو نفسه صاحب الأربعين بالأمس من الناحية البيولوجية والتطورية، فكيف تتخطى هذه الاختلافات العميقة الهيئة الشكلية إلى السلوك، وأسلوب الحياة، والرغبات؟ ما السر؟
يحاول الكاتب اكتشاف السر من خلال البحث في التاريخ الثقافي للعمر، مع عرض مبسط لأعمار الإنسان المختلفة. وبالحديث عن العمر، كم عمرك؟ لك كل الوقت في التفكير! لأن الإجابة ليست سهلة أبدًا!
مؤلف كتاب الشباب: العمر من منظور التاريخ الثقافي
روبرت بوغ هاريسون: يعمل أستاذًا للأدب الإيطالي في جامعة ستانفورد بكاليفورنيا، حصل على الدكتوراه في الدراسات الرومانسية من جامعة كورنيل، لديه بودكاست بعنوان (Entitles Opinions about life and literature) يشارك فيه لمحات من الحياة والأدب وما بينهما، ألف عددًا من الكتب، أهمها:
Forests: The Shadow of Civilization
Gardens: An Essay on the Human Condition
The Dominion of the Dead
معلومات عن المترجم:
شحدة فارع: يعمل أستاذًا في قسم اللغويات الأجنبية في جامعة الشارقة، حصل على دكتوراه في اللغويات من جامعة كانساس، كما عَمِل أستاذًا في قسم اللغويات والترجمة في الجامعة الأردنية، من ترجماته:
“الطفل السعيد: تغيير جوهر التعليم”، لستيفن هاريسون.
“البحث الاجتماعي”، لسوتيريوس سارانتاكوس.
“التعليم العالي في مجتمع متعلم”، لجيرولد آبس.