التعصُّب الديني

يحتاج أي فرد منا دائمًا أيًّا كان جنسه أو سنُّه أو مركزه أو علمه إلى الشعور بأنه فرد ذو قيمة، أو الشعور باحترام الذات، فقد يشقى عمره كله لكسب هذا الشعور، بل قد يُجنُّ تمامًا إذا فقده، فهو من حاجاته البيولوجية كالأكل والشرب، وهذا يؤكد حاجة المرء الدائمة إلى الغير، والشعور هذا يفرض على الأقل وجود شخص آخر لحدوثه، أي وجود مجتمع يتكوَّن من أفراد، فيستمدُّ الإنسان هذا الشعور في العموم من نظرة الناس إليه، ورأيهم فيه، فالأمر كله يتوقف على سلوك اجتماعي.

 الحل: 📚📚📚 مكتبة ضخمة جدا 

من الكتب المبسطة والمضغوطة على هاتفك مع تطبيق أخضر

تطبيق أخضر يوفر لك آلاف ملخصات الكتب العربية والعالمية بطريقة مقروءة ومسموعة في أكثر من ١٦ قسم في كافة مجالات الحياة 

حمله الآن 😎

جوجل بلاي -- أبل ستور

أما عن ظاهرة التعصُّب الديني ضد الأقليات – الذي يدفع مجموعة من الأفراد إلى السير في الشوارع، هاتفين بأن أفراد جماعة ما مُخالفة لها بأنهم أعداء الله! ويهاجمون دور عباداتهم، ويشعلون فيها النار – فيوضح جلال أمين أنها ترجع إلى الحاجة الشديدة لدى المرء إلى الشعور بأنه ذو قيمة، فيدفعه شعوره هذا إلى القضاء على كل ما قد يُهدِّد هذه القيمة، أو قد يلجأ الفرد لاكتساب هذا الشعور أو تأكيده إلى القيام بالكثير من الصغائر، كالتقليل من شأن الآخرين، وهذا بالضبط أحد المشاعر الأساسية وراء حماس المتعصِّب لإهانة الطائفة الأخرى، وهو استمداد شعوره بأنه ذو قيمة بتقليل قيمة الآخرين.

ويعدُّ هذا الأمر ظاهرة اجتماعية، لها ظروفها وأسبابها التي ساعدت على انتشار هذا المستوى من محاولات إثبات الذات، ويعتقد جلال أمين أن هذا الأمر له علاقة شديدة بما لحق بالطبقة الوسطى في مصر في العقود الأخيرة، خصوصًا الشرائح الدنيا منها، التي تزيد على النصف أو ثلاثة أرباع سكان مصر، وتتكوَّن غالبًا من صغار ومتوسطي الموظفين، والعمال والحرفيين، ولا تتمتَّع هذه الطبقة بالرضا عن النفس، ولا بالفخر لما حققته، ولا بشعور الطمأنينة، وتستمد رضاها عن نفسها من التدين والإيمان بالله الذي يراه الكاتب أكثر نفاقًا عن أفراد الطبقات الآخرى، حيث إن معظم أصحاب العقائد الدينية المُغايرة من هذه الطبقة، التي يسود فيها الافتقار إلى الشعور بأنه ذو قيمة.

يوضح الدكتور جلال أمين في هذا الكتاب ماذا حدث للمصريين خلال نصف القرن الماضي؛ ألا وهي فترة عمره، وتكوين وعيه وإدراكه لما يحدث حوله، مازجًا بين تجاربه الشخصية، وما يعرفه من دراسته الأكاديمية للاقتصاد، والمجتمع المصري، وهذا المزيج قد يفيد من فهم الجميع لظاهرة اعتبرها الكاتب من أهم الظواهر التي شكَّلت التاريخ الاجتماعي، ألا وهي الحراك الاجتماعي.

جلال أمين: كاتب ومفكر مصري كبير، وأستاذ مادة الاقتصاد في الجامعة الأمريكية، توفِّيَ في الخامسة والعشرين من شهر سبتمبر عام 2018 بعد صراع مع المرض.

من أشهر مؤلفاته: “شخصيات لها تاريخ”، و”عصر التشهير بالعرب والمسلمين”، و”عولمة القهر: الولايات المتحدة والعرب والمسلمون قبل وبعد أحداث سبتمبر”، و”قصة الاقتصاد المصري”.