التعامل مع انحرافات المزاج
التعامل مع انحرافات المزاج
يعتمد الدماغ على بعض الأدلة لإنتاج مزاجنا، كمعدل نبضات القلب والتنفس والضغط والهرمونات والمعطيات القادمة من حواسنا، ليقارنها بما لدينا من ذكريات مشابهة، ثم يقدم اقتراحات في صورة تخمين لما يحدث وما يمكن فعله، وهذا التخمين ندركه أحيانًا في صورة مشاعر أو مزاج، ومن خلال سيطرتنا على تلك المعطيات المدخلة إلى دماغنا يمكننا السيطرة على مزاجنا ومشاعرنا والتأثير فيها وتغييرها، وهذا لا يعني إلغاء المشاعر السلبية تمامًا، فهذا أمر مستحيل، بل سنتعلم بعض المهارات والأدوات التي تساعدنا على مواجهة تلك المشاعر واستعادة اتزاننا من خلالها.
يتعامل أغلبنا حسب أفكار كتب التنمية البشرية المنتشرة التي تقول إن ما نفكر فيه قادر على تغيير مشاعرنا، وبناءً عليه إذا غيرنا أفكارنا السلبية إلى أخرى إيجابية فهذا سيحسن من حالاتنا النفسية، لكن ما لا تراعيه تلك الكتب أن العلاقة بين الأفكار والمشاعر متبادلة، فليس بالضرورة أن الأفكار السلبية أتت أولًا فغَيَّرَت حالاتنا المزاجية، بل من الممكن أن حالاتنا المزاجية قد ساءت فأدى ذلك إلى تغير أفكارنا بشكل سلبي، فحتى إن أدركنا أننا نفكر بشكل سلبي، فمن الصعب التركيز على الأفكار الإيجابية في تلك الحالة النفسية، ومن ثم فالحل المتضمن التفكير بشكل إيجابي الذي تعطيه لنا وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلب كتب التنمية البشرية لا يكفيان لتغيير مزاجنا إلى الأفضل.
وللتعامل مع مزاجنا علينا أن ندرك أننا نتفاعل مع أمور حياتنا بشكل تتشابك فيه أفكارنا بأحاسيسنا ومشاعرنا وانفعالاتنا بشكل متصل في كتلة واحدة، ولرؤية المزاج السيئ قبل أن يبدأ علينا أن نتعلم تفكيك تلك التشابكات لتسهل علينا رؤية التغيرات التي نستطيع إحداثها في طريقة تفاعلنا مع ما حولنا، فبالتفكيك سندرك العوائق التي تواجهنا كل مرة وتتسبب في تعكر مزاجنا لنتمكن من تجاوزها.
ويمكننا هنا الاستعانة بمهارة التدوين لتفكيك تلك الأمور المتشابكة، وذلك باستعادة إحدى لحظات مزاجنا السيئة التي حدثت في وقت سابق أو خلال يومنا، وننظر إليها بتمعن وتفصيل حتى تتكون عندنا القدرة على ملاحظة تفاصيل اللحظات السيئة والتمكن من تغييرها عند حدوثها، فبمعرفة ما يجري في أجسادنا وعقولنا خلال لحظات المزاج السيئ يمكننا أن نوسع دائرة الوعي لننظر إلى ما هو جارٍ في البيئة المحيطة بنا، ونرى أثر كل سلوك لدينا في ما نعيشه في داخلنا، وبمواصلة الاستكشاف وتدوين ما نحس به ونعيشه سنتمكن من بناء إدراك لذاتنا، ويتطور الأمر مع الوقت إلى وعي تدريجي بحالات مزاجنا السيئ ووقت حدوثها.
الفكرة من كتاب لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟ أدوات يومية من أجل تقلبات المزاج
يواجه كثيرون منا في الوقت الحالي الحياة دون أن تكون لديهم معرفة كافية بكيفية التواصل مع أنفسهم وأفكارهم ومشاعرهم، أو التواصل مع الآخرين والتعامل مع انتقاداتهم، مما يعرضهم لمشكلات نفسية كالاكتئاب والقلق والتوتر وانحرافات المزاج، وبعض ممن يواجهون هذه المشكلات يتجهون إلى العلاج النفسي ليتفاجؤوا أن مشكلاتهم ليست بالضخامة التي يتصورونها، بل كلها يمكن حلها من خلال عدد من المهارات البسيطة التي مكنتهم من التعامل مع مشكلاتهم ومشاعرهم، لدرجة التعجب والتساؤل “لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟
وهو التساؤل الذي عَبَّر عنه كثير من مرتادي عيادة الطبيبة جولي سميث النفسية، فألَّفَت هذا الكتاب الذي يحمل عنوانه السؤال نفسه، ويحتوي على المهارات البسيطة التي أهلت من أتوا إليها لعلاج انحرافات مزاجهم وخوفهم، والتعامل مع الخوف والانتقادات الموجهة إليهم، واستطاعوا بها مواجهة الحياة بشكل أكفأ وأكثر فاعلية.
مؤلف كتاب لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟ أدوات يومية من أجل تقلبات المزاج
جولي سميث: طبيبة نفسية، لديها خبرة تزيد على العشر سنوات، اكتسبت شهرتها من خلال تقديمها نصائح حول العلاج النفسي عبر منصة Tiktok وغيرها من المنصات، وظهرت في كثير من البرامج كبرنامج GOOD MORNING BRITAIN، وتعمل مستشارة نفسية في برنامج LIFE HACKS على إذاعة BBC Radio 1، وصدر لها من الكتب حتى الآن:
لماذا لم يخبرني أحد بهذا من قبل؟
معلومات عن المترجم:
الحارث النبهان: مترجم سوري نقل عديدًا من الكتب والروايات الإنجليزية الشهيرة إلى اللغة العربية، ومن أشهر ترجماته:
فن اللا مبالاة.
قاعدة الثواني الخمس.
1984.