التعامل مع الخطأ
التعامل مع الخطأ
كانت أغلب الأجيال القريبة تربي تربية سلبية، أي بالتوبيخ والضرب والعقاب والشدة، وتلك وسائل سهلة سيئة الأثر على المدى الطويل، وليست من التربية الإيجابية في شيء، بل ليست من الشرع في شيء، ولنا في نبي الله أسوة وهو الذي لم يضرب قط، ولم يسب أو يلعن وكان أنس (رضي الله عنه) يقول “خدمت النبي (ﷺ) عشر سنين بالمدينة وأنا غلام، ما قال لي فيها أُفٍّ قط وما قال لي لم فعلت هذا أو ألا فعلت هذا؟”.
وربما يعرف أغلبنا قصة الشاب الذي ذهب إلى النبي (ﷺ) فقال له يارسول الله ائذن لي بالزنا، فزجره الناس وعظم عليهم ما قال، فقال له النبي: “ادنه، فدنا منه قريبًا فجلس، فسأله النبي: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس تحبه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس تحبه لبناتهم”، وهكذا سأله عن أخته، ثم عمته، ثم خالته، والفتى يجيب بنفس ما أجاب، فوضع النبي يده عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه”، فانصرف الفتى ولم يعد يلتفت إلى شيء من ذلك.
فانظر إلى جميل صنع النبي الكريم وحلمه وحكمته، وتأمَّل أن يُسأل هذا السؤال لنبي مرسل وقائد للأمة فيتلقَّاه بهدوء ورحابة ويعالجه برفق، فهو أولًا يجلسه ويقرِّبه إليه، ويقبله بما جاء، ثم يحاوره بما يناسبه، فيسأله عن أحب الناس إليه، ولم يجمع قرابته كلهم جملة، بل عدَّهن واحدةً واحدة ليدع له المجال للتفكير، ثم يضع يده عليه ويتواصل معه حسيًّا، ثم يدعو الله له بدعاء جميل رقيق، وما أحوج شبابنا ومراهقينا إلى مربين يقتدون بالنبي (ﷺ) في احتوائهم وتوجيههم.
الفكرة من كتاب مهارات التواصل مع الأولاد..كيف تكسب ولدك؟
في الوقت الحالي لم نعد نحن وحدنا من نربي أولادنا، وقد اتسعت الفجوة بين الآباء والأبناء بشكل ينذر بالخطر، وليس من سبيل لسدِّها إلا من خلال التواصل بين الأبوين وأبنائهما، وتلك المهارة إذ نجتهد لاكتسابها فإنما هي قُربة تقرِّبنا إلى الله بما تعيننا به من صلاح أبنائنا وصلاح تربيتهم، والتواصل مع الأبناء هو وصل معنوي وحسي يشمل معاني العطف والبر والرحمة والرفق، ويشمل اللمسات الحانية، كما يشمل حتى وصلهم بالمال، ومن أضداد الوصل الهجر، لذا كانت الأبوة دورًا لا يمكن بحال أن يُؤدَّى غيابيًّا أو أن ينوب فيه أحد، بل يكون الأب حاضرًا بشخصه بين أبنائه وبناته أطول وقت ممكن.
مؤلف كتاب مهارات التواصل مع الأولاد..كيف تكسب ولدك؟
خالد بن سعود الحليبي: شاعر وأديب وأستاذ جامعي سابقًا، إضافةً إلى عمله في الاستشارات الأسرية، ولد في الأحساء بالسعودية عام 1964م، وحصل على بكالوريوس في اللغة العربيَّة من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ونال درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب الحديث، ثم حصل على دبلوم عالٍ في الإرشاد النفسي والأسري من كليَّة المعلمين، عمل بالتدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شغل منصب المدير التنفيذي لبيت الخبرة للتنمية الأسرية، وهو مشرف عام موقع المستشار بالدمام، وعضو مركز التنمية الأسرية بالأحساء.
له عدد من المؤلفات منها:
قلبي بين يديك (ديوان شعر).
أبو فراس الحمداني في رومياته.
العنف الأسري: (أسبابه ومظاهره وآثاره وعلاجه).
جلسات تسع ذي الحجة.