التعاطف والتواصل
التعاطف والتواصل
إن التعاطف والتواصل من الاحتياجات الأصيلة في النفس البشرية، فالرغبة في تعاطف الناس معنا، مع آلامنا وتطلُّعاتنا وتقبُّلهم لنا دون أحكام، وتعاطفنا معهم وتقبُّلنا لهم رغم اختلافهم عنا، كلها رغبات إنسانية ملحَّة، تجعلنا نشعر أننا جديرون بالحب والانتماء، وكلما كنا أكثر تقبلًا لأنفسنا كنا أكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين، ولكنها أيضًا تتطلَّب وضع الحدود وتحميل كل شخص مسؤولية أفعاله وعواقبها، وعدم وضع هذه الحدود يمكن أن يجعلنا موضعًا للاستغلال وسوء المعاملة، وهو ما سيحوِّلنا إلى أشخاص لطفاء من الخارج وغاضبين جدًّا من الداخل، وحينها يمكن أن يظهر استياؤنا في صورة تصرُّفات لئيمة غير واعية كأن نجعل المخطئين يشعرون بالخزي والأسى، أو أن نكيل لهم اللوم بدلًا من توجيههم، لذا فإن تعاطفنا مع الناس لا ينبغي أن يتعارض مع تحميلهم نتائج سلوكياتهم أو أن يشعرنا بالسوء عند مواجهتهم بنتائج تقصيرهم.
وأما التواصل فقد خلق البشر سبلًا له لأنه الطريقة التي تجعلهم يشعرون أنهم مرئيون ومحل تقدير، فالتواصل يساعد على النمو السليم عقليًّا ونفسيًّا وروحيًّا، ولكي يكون التواصل صحيًّا فلا بدَّ أن يكون في الوقت المناسب مع الشخص المناسب وفي موضوع مناسب، فحق التواصل امتياز لا يعطى لأي شخص عابر، بل يجب أن نختار بعناية هذا الشخص الذي نفصح له عن مكنونات أنفسنا فنشعر أمامه أننا مكشوفون تمامًا ونعلم أننا سنأخذ منه التعاطف الذي نحتاج إليه وقتها، فالتواصل الصحيح يتطلَّب التخلي عن أسطورة الاكتفاء الذاتي، وأننا قادرون على العيش وحدنا، فنحن حين نمد يد العون إلى المحتاج ونطلب العون في المقابل عندما نحتاج إليه نتصرف وفق الفطرة الطبيعية التي جُبلنا عليها.
الفكرة من كتاب نعمة عدم الكمال: تخل عمن يفترض أن تكون عليه وتقبل ذاتك
في هذا الكتاب؛ تقدم الكاتبة ما يعنيه أن نعيش حياتنا بكامل قلوبنا ونصدق أننا جديرون بالحب رغم عدم كمالنا ومثاليتنا، وكيف نعيش هذه الرحلة الواعية عن طريق ممارسات يومية، ونغوص في بحر نفوسنا لنكتشف الطريقة الصحيحة لإنقاذ أنفسنا في لحظات الضعف والخزي والألم، فتقبُّل الضعف والرقة لا يعارض ولا يقل أهمية عن تنمية المعرفة والسعي وطلب القوة، ونحن في رحلة تتطلَّب عمل العقل بقدر ما تتطلَّب عمل القلب، والكثيرون منا يقصرون في عمل القلب.
مؤلف كتاب نعمة عدم الكمال: تخل عمن يفترض أن تكون عليه وتقبل ذاتك
برينيه براون Brené Brown باحثة وكاتبة وأستاذة جامعية، عضو هيئة البحث في كلية الدراسات العليا للعمل الاجتماعي بجامعة هيوستن، قضت أكثر من سبع سنوات في دراسة مشاعر الخزي والألم وكيفية التعامل معها والمرونة المطلوبة للعبور منها لنصل في النهاية إلى العيش بكامل قلوبنا ممتنِّين لكوننا بشرًا جديرين بالحب، وتم اختيارها واحدة من أكثر خمسين امرأة تأثيرًا في عام 2009.
من أشهر مؤلفاتها: “كنت أظن أنني وحدي في هذا ولكنني لست كذلك”، و”الجرأة بعظمة” و”فهم الخزي والتغلب عليه”، ولها كثير من المقالات في المجلات والصحف الإخبارية القومية.