التطوّر
على الرغم من التطوّر التكنولوجي المُتسارع فإن هذه السرعة لم تكفِ لإحداث تغيرٍ حقيقيّ في الطبّ الرقميّ، وقد أثر كثيرًا في هذا التطوّر السلوكُ المُتوجّس من المُستهلكين والأطبّاء على السواء، إذ لا يُمكن إحداث التطوّر الحقيقيّ ما لم يوجد استخدام واسعٌ للمُنتج الرقميّ، وقد أجريت دراسة على اتجاهين مُختلفين للمُستهلكين، الاتجاه الأوّل: الاستخدام الإجماليّ لتكنولوجيا الرعاية الصحيّة، والاتجاه الثاني: معرفة ما إذا كان المُستهلكون ينظرون إلى الوسائل التكنولوجيّة الطبيّة على أنها بديل للتقليديّة أم أدوات مُساعدة فقط.
ولإجراء دراسة واقعيّة بهدف معرفة مدى اعتماد السكّان على أدواتٍ مُختلفة من الاتصالات لطبيبهم خلال عامٍ مضى، قدّم الكاتبان استبانة وكانت النتيجة أنّ 87.1% من العينة السكانيّة التي أُجريَت عليها هذه الاستبانة -التي تقع في نطاق الولايات المُتّحدة الأمريكيّة- قد زارت الطبيب أو المُختصّ بالرعاية الصحيّة زيارة فعليّة، و47.4% اتصلوا هاتفيًّا عِوضًا عن الزيارة بالطريقة التقليديّة، وهُنا يتضح انتصار الطريقة التقليديّة في مُراجعة الطبيب على استخدام أشكالٍ مُتعددة من الطبّ الرقميّ.
وقد أسفرت نتيجة التحليل للنتائج الاستبيانيّة عن وجود عديد من العوامِل التي تؤثّر في سلوك الفرد تجاه الرعاية الصحيّة، كعوامِل الاستعداد الطبيعي، إذ يميل صِّغار السنّ -أي الشباب- إلى استخدام التكنولوجيا في الحصول على المعلومات الصحيّة عبر شبكة الإنترنت، في ما يعزف كِبار السنّ عن ذلك في المُقابِل، وأثّرت كذلك عوامِل التقوية الماديّة، فقد مالَ أكثر المشاركين من ذوي الدخل المُرتفع إلى زيارة مزوّد الخدمات الصحيّة، وتجنّب الهاتف والبريد الإلكترونيّ، وكذلك -أثر بشكلٍ كبير- امتلاك التأمين الصحيّ في زيارة مزوّد الخدمة الطبيّ بالإيجاب، وقد ظهر اقترانٌ عكسيّ بين الاستشفاء وتحسّن الوضع الصحيّ، واستخدام أنواع الاتصال الرقميّة بمزوّد الخدمات، فهم عادةً ما يميلون إلى الزيارة الشخصيّة أو الاقتصار على التواصل صوتيًّا عبر الهاتف.
في الحقيقة كل هذه النتائج لم تكشف عن علاقاتٍ هامّة ومُباشرة بين الوعي الصحيّ المُجتمعيّ والمُقابلات الشخصيّة، لكنها تُشير إلى أنّ ثورة الصحة التكنولوجيّة ما زالت في مَهدِها، ويلزمها كثير من الوعي المُجتمعيّ والتطور التكنولوجيّ لكسبِ ثقة الناس، وسدّ احتياجات المُجتمع أطباء ومُستهلِكين بمصارِفِهِم.
الفكرة من كتاب الطب الرقمي: الرعاية الصحية في عصر الإنترنت
لقد أصبح الإنترنت من الضرورات الحياتيّة في هذا العصر، وقد أثّر في عديد من المجالات الحيويّة في حياة البشر، كالتعليم، والطبّ، والمُعاملات الحكوميّة في عديد من الدول، ويختصّ هذا الكتاب تحديدًا بمناقشة التطوّر الرقمي في الرعاية الطبيّة، التي تخضع بشكلٍ رئيس لعوامل كثيرةٍ ومُتشعّبة، كالسياسة والاقتصادّ، حتى إنّ الأوضاع الاجتماعيّة للدول تتحكم في كفاءة وتطوّر الرعاية الصحيّة، وقد ناقش الكتاب وضع الرعاية الصحيّة وعلاقتها بالتطوّر التكنولوجي في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، ثم انتقل إلى المقارنة بين عديد من الدول الأوربيّة الأخرى وبعض الدول الإفريقيّة.
مؤلف كتاب الطب الرقمي: الرعاية الصحية في عصر الإنترنت
داريل إم. ويست: عالم سياسية أمريكي وُلد في أكتوبر عام 1954م، وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة ميامي في العلوم السياسية عام 1976م، ثم حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من جامعة إنديانا عام 1978م وعام 1981 م، له عديد من المؤلفات منها:
The Future of Work: Robots, AI, and Automation
Turning Point: Policymaking in the Era of Artificial Intelligence
إدوارد آلان ميلر: كاتب ومؤلف، وهو أستاذ مساعد للخدمات الصحية والسياسات والممارسات في كلية الصحة العامة بجامعة براون، وأستاذ ورئيس قسم علم الشيخوخة وزميل معهد علم الشيخوخة في كلية John W. McCormack للسياسة والدراسات العالمية. ومن مؤلفاته:
Block Granting Medicaid: A Model for 21st Century Health Reform
Federal and State Initiatives to Integrate Acute and Long-term Care: Issues and Profiles
معلومات عن المُترجم:
نائل الحريري: طبيب وكاتب ومُترجم سوريّ، تخرّج في جامعة حلب وحصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير من كُليّة الطبّ، له عديد من الكُتب المُترجمة مثل:
كتاب تونيز: الجماعة والمجتمع المدني.