التصوُّر الإسلامي عن الإله وعلاقة الإنسان به
التصوُّر الإسلامي عن الإله وعلاقة الإنسان به
يمكن إيجاز مفهوم التوحيد في الشريعة الإسلامية أنه “شهادة أن لا إله إلا الله”؛ أي الإقرار أن لا خالق ولا مستحق للعبادة غير الله (عز وجل)، وأنه حاضر على الدوام كمركزية بالنسبة للمسلم في كل مناحي حياته وبعد أن يفارق الدنيا، ومن ثمَّ فإن توحيد الله هو الجوهر الذي تتفرَّع عنه رؤية المسلم لنفسه وللعالم، وهو المعيارية التي يُرجِع إليها كلَّ أفعاله.
يقدِّم التوحيد في الإسلام تصوُّرًا ساميًا ينزِّه الإله عن كل ما وصفته به الأديان والمعتقدات السابقة، وهو أبعد ما يكون عن النقائص والمشاركة والتجسيد.
يقرِّر التوحيد مبدأ الثنائية، فالكون كله إمَّا إلهٌ أو غيرُ إلهٍ؛ أي خالق متعالٍ متفرِّدٌ لا شريك ولا مثيل له، ومخلوقات متنوِّعة من البشر والحيوان والنبات الذين خلقهم وأجرى عليهم سننه، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يتحوَّل الخالق إلى مخلوق أو أن يتسامى المخلوق ليصل إلى درجة الإله، ولمَّا كان الإله متصفًا بالتعالي والحكمة فلا بد أن يكون قد خلق هذه المخلوقات لغاية معيَّنة أبعد ما تكون عن الصدفة والعبثية، ثم إنَّه اختار الإنسانَ من بين مخلوقاته ليهبه درجةً أعلى من الفهم تمكِّنه من معرفة المشيئة الإلهية، إما عن طريق الوحي المُنَزَّل من الله أو باستنباط إرادة الله بالتأمُّل في سنن الكون؛ ومن ثَمَّ يكون الإنسان قادرًا على الاختيار بين التوحيد والكفر، وأعطاه الإله أيضًا القدرة التي تمكِّنه من تغيير نفسه وتغيير البشر الآخرين وسخَّر له سائر المخلوقات، وأمره بعد ذلك أن يؤدِّي المهمة التي خلقه من أجلها وهي العبادة وعمارة الأرض، وأنذره أنه سوف يُحاسَب عن كل ما قدَّمه في دنياه إن كان خيرًا أو شرًّا.
الفكرة من كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
أتى الإسلام بشهادة أن لا إله إلا الله مركزيَّةً في آخر ديانة سماوية منزَّلة، لتشكِّل رؤية خاصة للكون وبوصلة للإنسان تعينه على المهمة التي عليه أن يقوم بها، ولتغيِّر حركة التاريخ نحو الوجهة الصحيحة الأخيرة التي يريدها الله (عز وجل).
يحلِّل الكاتب من ثلاث عشرة زاوية تفرُّدَ التوحيد الإسلامي وسمو المبادئ النابعة منه على جميع الرؤى والأفكار الكبرى الأخرى، كيف نستفيد من التوحيد لمعرفة دورنا التاريخي وإرساء المبادئ الأخلاقية وبناء الأسرة والمجتمع، والنظام الاقتصادي والفن والجمال؟
مؤلف كتاب التوحيد مضامينه على الفكر والحياة
إسماعيل راجي الفاروقي: باحث ومفكر فلسطيني متخصِّص في الأديان المقارنَة، ومن مؤسسي مشروع إسلامية المعرفة، انتُخِب كأول رئيس للمعهد العالمي للفكر الإسلامي، له عدة مؤلفات أشهرها “أسلمة المعرفة: المبادئ العامة وخطة العمل”، “أطلس الحضارة الإسلامية”.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد عمر: أستاذ النظرية السياسية الإسلامية بجامعة حلوان ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين.